طابَ ذِكرُك حيّاً وميتاً ابا الامين- بقلم الشيخ اياد امين طاطور "ابو هاشم"

طاب ذكرك حيّا وميتا أبا الأمين
حظك من الدنيا ميزان المحبة والتقوى وحب الخير للناس والتسابق للعطاء !!

ما كان حظك من الدنيا بشهادة لقب أول ولا لقب ثاني ولا تحصيل رتبة علمية أو جامعية وربما جاوزت من التحصيل العلمي المرحلة الابتدائية أو يزيد قليلا عن ذلك
ولكنك تركت حباً وقبولاً لدى جمع كبير من الناس - لا سيما وقد أفنيت كل عمرك الذي يربو قليلا على اربعة عقود ملبياً كل من قصدك بحاجة فتنطلق دون تردد كسهم الخير وكالسحابة المليئة بالمطر حيثما وقع غيثها نفع وكم استنزفت من طاقتك وجهدك وبذلت جل العناية لاسرتك كي تراها أسعد أسرة وأجمل عائلة! وكنا نلمس فيك ذلك الرجل الشهم البارّ بوالديه وواصلا لرحمه وهو بمثابة الزوج المكافح والأب الطيب العطوف البشوش الذي يعطي كل ما يملك وبلا تضجر وتحسر وبكامل وسعه وطاقته نراه أسعد إنسان وهو يرى أبناءه سعداء وقد لبى لهم كل ما ينقصهم ويحتاجونه بسعيه وكده وعرق جبينه ..

ولسان حاله يقول إن نجاحي الحقيقي ورأس مالي وغنيمتي هو نجاح أبنائي - "إن أنا لم اتعلم واحمل شهادة ها أنذا أرى أبنائي طلابا مميزين وسيصبحون من خيرة الأبناء خُلقا وديناً وعلماً ! وحلمي سيتحقق لا محالة وأراهم قد حققوا مرادهم ببلوغهم أعلى الدرجات العلمية والأخلاقية والاجتماعية وقد أدوا من بعدي واجباتهم الدينية والتكاليف الشرعية وسطروا النجاح بارادتهم وعزيمتهم وحيث ينظرون الى والدهم على أنه أعظم الرجال "..
حظك من الدنيا يا أبا الأمين ليس باقتناء سيارة فارهة ولا عمارة شاهقة ولا ملابس فاخرة ولا منصب زائل ! إن الحظ الذي كان يقض مضجعك كي تعكف على إنجازه هو سعيك الدؤوب ومثابرتك الحثيثة لتوفير لقمة العيش الكريم لاسرتك حتى لو كلف ذلك خروجا للعمل ما قبل الفجر حتى ساعات الغروب .. وحرصك على أداء الصلوات الخمس في وقتها وصيام رمضان حتى في أشد الايام حراً وأنت تمارس الاعمال الشاقة لا بل وحتى ساقك الدافع التعبدي والوازع الايماني الذي تغلغل في قلبك لصيام عشرين يوماً من رمضان الاخير ورغبتك الدائمة للاستماع للقران الكريم! وطلبك من زوجك الوفية الصابرة أن توضئك لكي تصلي كل صلاة في وقتها وإلحاحك بسؤال زوجتك عن كل صلاة إذا ما دخل وقتها بصوت خافت لا يكاد يسمع همسُه، وجسد هزيل نحيل قد أنهكه المرض ويأتي أجل الله المحتم المكتوب
بعد انقضاء أيام عيد الفطر المبارك وتفيض روحك شوقاً لباريها…

رحلت أبا الأمين وتركت وراءك زوجة وأربعة أبناء في عمر الورود …
سنبقى على العهد المحبين لك الى أن يجمعنا اللقاء الحقيقي في الجنة إن شاء الله..

نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه وأسأل الله تعالى أن يرفع مقامك في عليين ويرزقك الغرفة بصبرك، وجنة الفردوس خالدا فيها وأن يجمعنا وزوجك واولادك

واهلك وإياك في جنات الخلد - حسُنت مستقراً ومقاما

طبت حياً وميتاً أبا الأمين

بقلم الشيخ الاستاذ إياد امين طاطور ابو هاشم

الكلمات الدلالية :