السبت 08 ابريل 2023 08:54 م بتوقيت القدس
رأى خبراء عسكريون في لبنان أن الرد الإسرائيلي المحدود على إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية، أرسل رسائل ضمنية لجميع الأطراف بأن تل أبيب ليست بصدد التصعيد الواسع.
وتوقع الخبراء، أن تقف الأمور في مشهدها الراهن عند الحد الذي وصلت إليه، لكنهم استدركوا أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى بمدينة القدس ربما يؤدي إلى إشعال الوضع مجددا.
وأمس الخميس، أطلق أكثر من 30 صاروخا من محيط بلدتي القليلة وزبقين (تبعد نحو 12 كلم عن الحدود) في جنوب لبنان على شمالي إسرائيل.
وفي هجوم آخر مشابه، أطلق 3 صواريخ إضافية من سهل مرجعيون (يبعد نحو 5 كلم عن الحدود) جنوب شرقي لبنان باتجاه مستوطنة المطلة شمالي إسرائيل.
وردا على ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي بالمدفعية الثقيلة منطقة مفتوحة في محيط الأراضي اللبنانية التي أطلقت منها الصواريخ، دون تسجيل أضرار بشرية أو مادية.
وبعد ذلك، أعلن الجيش اللبناني “العثور على صواريخ إضافية جاهزة للإطلاق في محيط بلدتي زبقين والقليلة (جنوب) وعمل على تفكيكها بالإضافة إلى العثور على المنصات التي أطلقت منها الصواريخ”.
ونادرا ما تطلق صواريخ من لبنان على إسرائيل، لكنها عادة تحدث ردا على التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لا نية للتصعيد
وتزامنت هذه الأحداث مع اقتحامات نفذتها الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى واعتدائها على المصلين والمعتكفين داخله بالإضافة مع زيارة خاصة لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية إلى العاصمة بيروت.
ورأى الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد المتقاعد أمين حطيط، أن إسرائيل “كانت حريصة عند اختيار الأهداف التي قصفها في لبنان (مناطق مفتوحة)”.
وأشار إلى أنها قامت بإرسال رسائل ضمنية أنها ليس بصدد التصعيد وإنما فقط هي ترد على القصف الذي تعرضت له مستوطناتها.
واعتبر حطيط، أن “الأمور في مشهدها الراهن ستقف عند الحد التي وصلت اليه”.
وذكر أن “الصواريخ التي أطلقت من لبنان مهمتها الاحتجاج على العدوانية والوحشية الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى وإرسال رسالة إنذار وغضب للعدو أن استمراره في الانتهاكات سيؤدي إلى إشعال الوضع”.
وتوافق كلام حطيط مع الخبير العسكري العميد هشام جابر، الذي اعتبر أن “الأمور لن تتطور أكثر في الجنوب اللبناني وما حصل رسالة للجانب الإسرائيلي ردا على القمع الوحشي في المسجد الأقصى”.
بينما ذكر العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، أن “التصعيد منوط بمن بدأ بإطلاق الصواريخ وإن كان يريد التصعيد أم البقاء عند هذا الحد”.
ورأى قاطيشا، أنه من الممكن أن تحصل تطورات جديدة تغير مسار الأمور خلال الـ24 ساعة المقبلة نحو التصعيد أو التهدئة.
لا تبني للحدث
وبينما لم تتبن أي جهة لبنانية المسؤولية، حمل متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الحكومة اللبنانية وحركة “حماس” الفلسطينية، مسؤولية إطلاق صواريخ من لبنان، وقال إنه يفحص أيضًا إمكانية تورط إيران في هذا الحادث.
ومن هنا اعتبر جابر أنه “بما أن إسرائيل اتهمت حماس فإن ردها سيتركز على حركة حماس في قطاع غزة”، مستبعداً أن يتصاعد التوتر في الجنوب اللبناني.
واستدرك أنه “بما أن الصواريخ أطلقت من جنوبي لبنان، فممكن أن تقوم إسرائيل بعمليات نوعية ضد رموز الحركة فهذه حرب أمنية وفي أقصى الحالات قد تستعمل تل أبيب طائرات مسيرة لضرب مراكز الحركة (في لبنان)”.
وأشار إلى أن إسرائيل “لم تتهم تنظيم حزب الله كي لا تضطر لقصف مراكزه لأنه سيرد بدوره علما أن حزب الله متضامن مع المقاومة الفلسطينية”.
ورأى أن “الردّ الاسرائيلي مدروس ليكون تحت سقف عدم إشعال الجبهة الجنوبية في لبنان”.
بدوره، قال حطيط: “ضمنيا كل فصائل المقاومة تتبنى ما حصل ولا الحاجة إلى أن يتبرع فريق معين ويتحمل مسؤولية العملية”.
واعتبر أن “التكتم على اسم الفاعل جزء من إدارة المعركة”.
أما الخبير العسكري قاطيشا، فاعتبر أن “عدم تبني أي جهة للعملية يشير إلى عدم إرادتها للتصعيد أكثر”.
ولم يصدر أي بيان عن “حزب الله” حول إطلاق الصواريخ، إنما كان لافتا تصريح صحفي لرئيس المجلس التنفيذي لجماعة “حزب الله” هاشم صفي الدين، قال فيه: “ليعرف الصهاينة أن المسجد الأقصى ليس وحيداً وأن خلفه مئات ملايين المسلمين الجاهزين لبذل الدماء من أجله”.
شكوى لمجلس الأمن
وفي جانب آخر، تحركت الدولة اللبنانية عقب أحدث الخميس وفجر الجمعة، عبر إيعاز الحكومة لبعثة البلاد الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك بتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن ضد إسرائيل.
واعتبرت وزارة الخارجية اللبنانية، في بيان، أن “القصف والاعتداء الإسرائيلي المتعمد فجر اليوم لمناطق في جنوب لبنان يشكل انتهاكا صارخا لسيادة لبنان وخرقا فاضحا لقرار مجلس الامن الدولي 1701، ويهدد الاستقرار الذي كان ينعم به الجنوب اللبناني”.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أدان، الخميس، عملية إطلاق الصواريخ من جنوبي بلاده على شمال إسرائيل، معلنا أن التحقيقات جارية لكشف الفاعلين وتوقيفهم.
وشدد ميقاتي على أن “الجيش وقوات الأمم المتحدة (يونيفيل) يكثفان تحقيقاتهما لكشف ملابسات العملية وتوقيف الفاعلين”.
في هذا السياق، اعتبر قاطيشا، أن “الدولة اللبنانية غير موجودة من الناحية الأمنية خاصة في الجنوب، ومن يسيطر هناك هو الدويلة (يقصد جماعة حزب الله) بسلاحها وأمنها الذاتي”.
وأضاف أنه “لا يمكن إطلاق عدد كثيف من الصواريخ إن لم تكن الدويلة على علم بذلك”.
أما الخبير العسكري جابر، فذكر بأن “هذا الحدث ليس الأول من نوعه فمنذ نحو سنة أطلقت صواريخ من المكان نفسه على إسرائيل واعترف بعدها فلسطينيين بالفعلة”.
ورأى جابر، أن “اليونيفل والجيش اللبناني لا يستطيعان تغطية كل متر مربع في البلاد”.
الهدوء رغبة الجميع
وعقب تطورات الخميس، أدانت وزارة الخارجية الأمريكية، إطلاق صواريخ على إسرائيل من لبنان وقطاع غزة، مؤكدة حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها.
من جانبها، دعت “يونيفيل” إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد، مشيرة إلى أنها “تواصل مراقبة الوضع وتقوم باستخدام كل آليات التنسيق والاتصال للتوصل إلى حل سريع وسلمي”.
في هذا السياق، قال جابر: “لا تريد أي جهة داخلية أو خارجية وتحديدا الولايات المتحدة الحرب”.
وأضاف أن “إسرائيل لا تريد حربا لأن أي حرب ممكن أن تضر منصات النفط والغاز الخاصة بها”.
ورأى أن “إسرائيل لن تكون البادئة بفتح الجبهة، وحزب الله كذلك”.