تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية شهر رمضان، على تفريغ المسجد الأقصى المبارك من المرابطين والمعتكفين، في خطوة استباقية لتهيئة المسجد لاقتحامات المستوطنين المتطرفين، خلال ما يسمى “عيد الفصح” العبري المقبل، ومحاولتهم فرض وقائع تهويدية جديدة.
وعلى مدار الأيام الماضية، اقتحمت شرطة الاحتلال، المسجد الأقصى، وأجبرت المعتكفين المتواجدين في المصلى القبلي على الخروج منه بالقوة، في محاولة لإنهاء الاعتكاف الذي بدأ منذ بداية رمضان.
ورغم هذه الإجراءات؛ إلا أن المعتكفين والمرابطين يُصرون على كسر قيود الاحتلال، وتكثيف الرباط والتواجد اليومي في المسجد الأقصى، لصد اقتحامات المتطرفين وإفشال مخططات “جماعات الهيكل” المتطرفة.
مشروع تهويدي
المختص في شؤون القدس المحامي خالد زبارقة يقول: إن” الاحتلال لديه مشروع تهويدي يريد تحقيقه في المسجد الأقصى، ويسعى لفرضه بالقوة، وتفريغ المسجد من المرابطين ما هو إلا وسيلة لتأمين اقتحام تلمودي تهويدي واسع للمسجد خلال أعياده المقبلة”.
ويوضح زبارقة، في حديث معه، أن” الاحتلال ينتهك بشكل صارخ قدسية الأقصى وهويته الإسلامية، ويريد هدم المسجد وإقامة هيكله المزعوم فوق أنقاضه، وهو يعمل من أجل هذا الهدف بكل جد وعلى مدار الساعة”.
ويبين أن الاعتكاف شعيرة إسلامية وحق شرعي وقانوني وديني خالص في الشهر الفضيل، ليس منة من الاحتلال وجماعاته المتطرفة.
ويضيف أن “ما حصل من اقتحام للأقصى وطرد المعتكفين يدعو للاستهجان ومحاسبة الجهات الرسمية التي تماهت مع مخططات الاحتلال، وخاصة عندما يدور الحديث عن سكوت أردني رسمي، لما يحمل من أمانة الوصاية والحماية للأقصى باسم الأمة الإسلامية”.
ويتابع أن “منع الاحتلال للاعتكاف وإقامة هذه الشعيرة الإسلامية في الأقصى، وتساوق الأردن معه، أمر مقلق وغريب في آن واحد، ويعد مساسًا صارخًا بقدسية المسجد الدينية، وانتهاكًا للوضع القائم فيه، وتأسيسًا لشرعية تلمودية فيه”.
ويؤكد أن “الوجود الإسلامي في الأقصى حق أساسي وشرعي وديني لإقامة كل الشعائر الدينية فيه، ولا يجوز أن يكون أحد الشعائر محطة تفاوض أو تقايض بين الأردن والاحتلال”.
ويعمل الاحتلال-وفقًا لزبارقة- على تفريغ الأقصى ومحاربة الوجود الإسلامي ليلًا ونهارًا، بهدف تأمين اقتحامات المتطرفين، وكأنها شيء طبيعي، لأنه يعتبر هذا الوجود يعيق ويقف حجر عثرة أمام تنفيذ مخططاته التهويدية بالمسجد.
خطوات استباقية
وأما المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب فيقول: إن “الاحتلال يريد، من وراء تفريغ الأقصى، من المعتكفين إثبات أنه صاحب السيادة في المكان، وخاصة بعدما جرد دائرة الأوقاف الإسلامية من صلاحيتها وأفرغ الوصاية الأردنية من مضمونها، ومنحها لجماعات الهيكل”.
ويضيف أبو دياب، في حديث معه، أن “الاحتلال يعلم بأن التواجد الفلسطيني داخل الأقصى سيُفشل مخططات الجماعات المتطرفة المتوقع تنفيذها خلال العيد اليهودي في نيسان/أبريل المقبل، ويمنعه من السيطرة على المسجد، فهو يريد أن تكون الإدارة والوصاية بيده لا بيد الأوقاف، وغيرها”.
ويوضح أن الاحتلال بدأ بخطوات استباقية قُبيل زيادة أعداد المعتكفين، من أجل تهيئة المسجد الأقصى لما سيحدث خلال الأعياد التوراتية المقبلة، من اقتحامات ومحاولات لإدخال القرابين وذبحها، وأداء طقوس وصلوات تلمودية.
ويتابع أن شرطة الاحتلال لا تريد تغيير مخطط تغيير الوضع الديني والتاريخي في الأقصى، وفرض وقائع تهويدية عليه، كالتقسيم الزماني والمكاني، أو فرض أجندتها التوراتية، لذلك تعمل بقوة على أن يسير مشروعها التهويدي كما هو مخطط له.
ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة محاولات إسرائيلية أكثر لتفريغ الأقصى من مرابطيه ومعتكفيه، قائلًا: إن” الأقصى بات على موعد قريب لمزيد من التوتر والعنف ضد الفلسطينيين، ولاقتحامات واسعة، وقد يكون الصاعق الذي سيُفجر المنطقة”.
وفي وقت سابق، أكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس المحتلة الشيخ عكرمة صبري، أن الاحتلال يحاول تفريغ المسجد الأقصى من المرابطين، لتمكين المستوطنين من استباحته.
وشدد الشيخ صبري على أن “المستوطنين لا يجرؤون على اقتحامات الأقصى، إلا بحماية قوات الاحتلال”، مشيرًا إلى أن ذلك “يدلل على أن الحكومة الصهيونية تتحمل المسؤولية”.