رغم اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة الاسرائيلية يائير لابيد مع الملك الأردني عبد الله الثاني في نيويورك، فإن التقديرات الإسرائيلية تذهب باتجاه إمكانية أن تشهد العلاقات الإسرائيلية الأردنية صراعا قادما نظرا لجملة من الأسباب، أهمها التوترات في المسجد الأقصى، رغم اعتماد الأردن على الاحتلال في إمدادات المياه والطاقة، ويدفع بعض أوساط الجانبين للحديث عما إذا كان قد حان الوقت لإعادة التفكير في العلاقة بينهما، والاستعداد لتغيير جذري فيها.
يذكر أن التقديرات الإسرائيلية تشير الى ما تشهده العلاقات مع الأردن في الآونة الأخيرة، واندفاع بعض المحافل الأردنية للحديث عما تعتبره بدائل اقتصادية متاحة للأردن، بهدف تقليل الاعتماد على إسرائيل، وإعادة النظر في الافتراضات التي شكلت العلاقات بينهما، واقتراح تصورات جديدة تجاهها، في ضوء تغير المواقف والتحولات التي حدثت داخل إسرائيل في ما يتعلق بقضايا العلاقات مع الأردن، وطبيعة الوسائل المتاحة التي يجب أن يتصرف وفقها الأردن.
دورين لايزر ذكر في موقع “محادثة محلية” العبري أن “القراءات الإسرائيلية والأردنية على حد سواء، ورغم اختلافات مواقفهم، فإنها تتفق على أن علاقات الجانبين على وشك أن تصبح دراماتيكية، وتشهد مرحلة من التغيير، ما يستدعي البحث لفهم كيف أنهما وصلا إلى هذا الوضع في علاقاتهما، ولماذا الآن، رغم أنه خلال فترة حكومة بينيت-لابيد شهدت علاقاتهما انتعاشاً بعد جمود شهدته فترة حكم بنيامين نتنياهو الطويلة، ومع ذلك فإن شهر رمضان الأخير رافقه صراع حاد بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وأضاف في مقال أن “ذات المرحلة الأخيرة شهدت صدور تصريحات إسرائيلية، ولو أنها غير رسمية، بشأن تحول الأردن إلى “دولة فلسطينية”، وتجاوزت تصريحات رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت رداً على الموقف الأردني المتصاعد ضد الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، المستوى التكتيكي، واتخذ خطابه طابعًا إستراتيجيًا لإعادة النظر في الوصاية الهاشمية على القدس، ما يعني أن السياسة الإسرائيلية بشأن القدس ليست محل خلاف بين الحكومات المتعاقبة”.
وأشار إلى أن “الأردنيين يرون في الموقف الإسرائيلي من القدس والأقصى تغييرًا جذريا وعميقا في المجتمع الإسرائيلي بكافة أجزائه، بما فيها تغيراته الهيكلية، وليس في الطبقة السياسية وحدها، وبالتالي فإن إسرائيل التي وقع الأردن معها اتفاق سلام عام 1994 لم تعد نفسها، ما قد يستدعي إعادة النظر في هذه الاتفاقيات، خاصة في ضوء تغييرات استراتيجية إقليمية، بما فيها التطبيع الذي قلّل من أهمية ومحورية القضية الفلسطينية، وكأن الحفاظ على استقرار الأردن لم يعد مصلحة إسرائيلية، لا سيما في ضوء التهديد الديموغرافي الذي يفوق حاليا أي تهديد خارجي آخر بنظر إسرائيل”.
رغم كل هذه الاعتبارات الإسرائيلية، فإن تل أبيب تدرك جيدا أن خيارات عمان تجاهها ليست واسعة بما فيه الكفاية، خاصة في قضايا حياتية معيشية، لاسيما موضوع الطاقة، حيث تزود إسرائيل الأردن بكمية كبيرة من المياه والغاز، باعتبارها ضرورة وجودية له، ما دفع أوساطا أردنية للحديث عن الاعتماد على مصادر مستقلة، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا فإنه دائب السعي لتنويع مصادره قدر الإمكان، وعدم الاعتماد على دولة واحدة، خاصة إن كانت إسرائيل.
ترصد الأوساط الإسرائيلية ما تعتبرها أصواتا أردنية ترفض رهن موارد الأردن الاستراتيجية في أيدي دولة واحدة، كون ذلك لا يتعارض مع الموقف السياسي فحسب، بل مع المصلحة الوطنية طويلة المدى، ما يشكل خطرًا جسيمًا على الاقتصاد الأردني، وقدرة الأردن المستقبلية على الحفاظ على استقلال مواقفه السياسية.