الخميس 18 اغسطس 2022 10:23 م بتوقيت القدس
وقع الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء الأربعاء، الدستور الجديد، بعد إعلان النتائج الرسمية النهائية من قبل هيئة الانتخابات. غير أن معارضيه، ضمن طيف واسع من المشهد السياسي، وصفوا ذلك بـ"الانقلاب"، وأن قرارات سعيد "ضرب للثورة التونسية".
وقال قيس سعيد، في كلمة وجهها إلى التونسيين، إنه سيتم إصدار قانون انتخابي جديد واستكمال المحكمة الدستورية وفق الدستور الجديد، معلنا أن ذلك سيتم "في أقرب الآجال للحفاظ على الدستور، وخاصة حماية الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور الجديد، وهي أكثر من الحقوق التي تضمنها الدستور السابق، الذي أنهى الشعب وجوده".
ووصف سعيد هذا اليوم بـ"التاريخي"، معتبرا أنّه 'يوم من الأيام التاريخية الخالدة وهي كثيرة، وليس أقلها 25 يوليو من هذه السنة والسنة التي قبلها"، في إشارة إلى 25 يوليو/ تموز 2021 تاريخ بداية المسار الذي فرضه الرئيس التونسي عبر الاستحواذ على جميع السلطات ضمن ما سماها "إجراءات استثنائية"، قال في ما بعد إنها "مسار إصلاحي تصحيحي" لـ"أخطاء العشرية السوداء"، حسب تعبيره.
وذكر الرئيس التونسي أن هذا اليوم تجسد فيه "التطابق بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية"، معتبرا أنّ ما قام به التونسيون 'تصحيح لمسار الثورة ومسار التاريخ بعد أن ساد الظلام لعقد من الزمن واستفحل الظلم في كل مكان".
وتوجه سعيد بانتقادات شديدة لمعارضيه، متهما إياهم بمحاولة تعطيل الاستشارة الإلكترونية في البداية ثم الاستفتاء، مدعياً أن "الشعب قال كلمته وكان حاضرا يوم الاستفتاء برغم كل الصعوبات والعراقيل".
وقال الرئيس التونسي إن "الشعب يريد تطهير البلاد، وهذا يستوجب قضاء جاهزا للحظة التاريخية"، مشدداً على أن "الشباب هم مستقبل البلاد، وآن الأوان للعدالة الاجتماعية وبين الجهات، ولذلك تم وضع مجلس الجهات والأقاليم".
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الثلاثاء، قبول مشروع الدّستور الجديد، بعد رفض الطعون في نتائج الاستفتاء من قبل المحكمة الإدارية، وبعد نيله ثقة المصوّتين في الاستفتاء عليه بنسبة 94.60 بالمائة في 25 تموز/يوليو الماضي.
ولاتزال تونس تشهد موجة تشكيك في نتائج الاستفتاء من قبل أحزاب معارضة ومنظمات ومراكز محايدة متخصصة في مراقبة الانتخابات، اتهم بعضها هيئة الانتخابات بتزوير النتائج والتلاعب بإرادة الناخبين لفرض "مشروع الرئيس" الذي يكرس التفرد بالسلطات ويقوض أسس الديمقراطية التشاركية، ويهز الاستقرار السياسي.
واعتبر ممثلو الأحزاب المعارضة في تونس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن دخول الدستور حيّز التنفيذ هو حلقة جديدة في مسار الانقلاب، وفصل جديد في مسار تكريس حكم الفرد على حساب مكاسب الديمقراطية التي تحققت في تونس بعد الثورة.
وعلق القيادي في حزب النهضة العجمي الوريمي، ، على التطورات، مشيراً إلى أن "هذا الدستور هو فصل جديد وحلقة أخرى من انقلاب قيس سعيد"، مبينا أنه "لن يغير شيئاً في المشهد، ولن يكون له دور في حلّ الأزمة، ولن يحلّ مشاكل التونسيين، بل إنه أضاف أزمة جديدة إلى الأزمة القائمة".
من جهته، رأى رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة يسري الدالي، أن هذا الدستور "فاقد للشرعية والمشروعية، وهو دستور لا نعترف به في ائتلاف الكرامة وكذلك في جبهة الخلاص، لأنه دستور انقلاب".
بدوره، اعتبر القيادي في حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري محمد الجلاصي، أن "دخول الدستور حيز النفاذ هو ترسيخ لحالة الاستثناء، واستدامة لتنفيذ الأمر الرئاسي 117 المنظم للسلطة، الذي علّق به دستور 2014 واستحوذ من خلاله على السلطات، فهذا الدستور سيكرس ويؤسس حكم الاستبداد وحكم الفرد في نظام أكثر من رئاسي ممثل في شخص قيس سعيّد، وهو ما عشناه طوال الفترة الاستثنائية".