الخميس 04 نوفمبر 2021 18:59 م بتوقيت القدس
في الذكرى الـ42 لاقتحام السفارة الأميركية في طهران عقب الثورة الإيرانية عام 1979، بث التلفزيون الإيراني تسجيلا مصورا عن عملية إحباط محاولة أميركية لمصادرة نفط إيراني في بحر عُمان.
وقد قدّمت الولايات المتحدة وإيران أمس الأربعاء روايتين متناقضتين حول الواقعة، حيث أعلنت طهران إحباط محاولة أميركية لمصادرة نفط إيراني، وهو ما نفته واشنطن.
وقال بيان صادر عن الحرس الثوري الإيراني إن الولايات المتحدة أوقفت ناقلة النفط الإيرانية ونقلت نفطها إلى ناقلة أخرى، وحاولت أخذها إلى مكان مجهول، وفور وصول قوات الحرس الثوري الإيراني، فشلت هذه العملية وتم نقل ناقلتي النفط إلى المياه الإيرانية في ميناء بندر عباس.
وبعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، يشكّل النفط الشريان الاقتصادي الرئيسي لإيران، حيث ترى طهران في وعد ترامب بتقليصه إلى الصفر أمرا لا يمكن قبوله.
مراقبة عن بعد
وقال الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية والإستراتيجية أمير موسوي “بالنظر إلى أن الناقلة الإيرانية كانت قادرة على حمل مليوني برميل من النفط، يستغرق نقل هذه الكمية إلى ناقلة أخرى نحو 4 أو 5 أيام، مما يدل على أن قوات الحرس الثوري كانت تراقبها عن كثب ولم تتخذ أي إجراء في اللحظات الأولى”.
وأوضح أنه “لو لم يتم إفراغ الناقلة لكان بإمكان الأميركيين تقديم أعذار مختلفة، وبعد أن أصبح من الواضح أنهم كانوا يعتزمون سرقة النفط الإيراني، حينها دخل الحرس الثوري إلى المعركة”.
وأضاف موسوي في حديثه للجزيرة نت أن “الهدف الأميركي كان توجيه ضربة اقتصادية لإيران، وكذلك إعطاء الروح المعنوية للنظام الصهيوني ودول المنطقة”، مشيرا إلى أن واشنطن أرادت أيضا استغلال إيران في محادثات فيينا للحصول على تنازلات منها، وأن تتراجع طهران في بعض الملفات خلال المباحثات القادمة.
حرب الناقلات
من جانبه قدّم القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني رواية للحادث قائلا “عشية ذكرى يوم الاستيلاء على عش التجسس الأميركي (السفارة الأميركية في طهران)، وأيضا قبل بداية جولة جديدة من المحادثات النووية في فيينا، أبدت إيران استعدادها لأي مغامرات في المنطقة، ويرجع هذا الحدث إلى وجود الخلاف داخل الحكومة الأميركية بشأن ملف إيران”.
وأضاف كنعاني مقدمة في حديثه للجزيرة نت، “يعرف الأميركيون في مثل هذا الموقف أنهم إذا حملوا السلاح فلن يتمكنوا من الرد على تداعيات الاشتباكات العسكرية، وإذا كان مضيق هرمز أو بحر عُمان وباب المندب أماكن غير آمنة للملاحة الإيرانية، فلا يمكن أن تكون آمنة لسفن أخرى بعد ذلك، وستستمر حروب الناقلات بطرق جديدة”.
أهداف
وقد كتبت صحيفة “شهروند” (المواطن) في تحليلها اليوم الخميس “تشير الأنباء الواردة من مصادر رسمية إلى بداية موجة جديدة من الزيادة في صادرات النفط الإيرانية، وقيام الولايات المتحدة بسرقة شحنات النفط الإيراني بدلا من الضغط على عملاء نفط إيران، يظهر أنها غاضبة من النمو المتزايد لصادرات النفط الإيرانية وفشل سياساتها اليائسة في وقف إيران، وليس هناك من سبيل آخر سوى القرصنة لإلحاق الضرر وتعطيل صادرات النفط الإيراني”.
كما كتبت صحيفة “وطن امروز” (وطن اليوم) “كان إرسال شاحنات النفط الإيراني إلى لبنان وسط تهديدات من واشنطن وتل أبيب، وكذلك تصدير النفط إلى فنزويلا، من أسباب غضب المحور الأميركي الإسرائيلي”.
وتابعت الصحيفة أيضا “بالإضافة إلى ذلك، تشاورت حكومة (جو) بايدن مع بكين عدة مرات في الأشهر الأخيرة لمنع الصين من شراء النفط الإيراني، ولكنها واجهت في كل مرة بباب مغلق”.
وفي جانب آخر، علق سيد محمد مرندي الخبير الدولي والأستاذ بجامعة طهران على حسابه في تويتر على الحادث الذي وقع في بحر عُمان، وقال “سرقت الولايات المتحدة ناقلة نفط متجهة إلى فنزويلا مع النفط الإيراني، وبهذه الطريقة القبطان وطاقم الناقلة خانوا إيران وساعدوا القوات الأميركية، والأخيرة سرقت النفط وباعته. قوات الحرس الثوري الإسلامي استولت الآن على الناقلة التي تحمل الطاقم والبحارة أنفسهم المدعومين من أميركا”.
وكانت وكالة أسوشيتد برس، قد قالت في يونيو/حزيران الماضي إنه بناء على وثائق محكمة أميركية وإحصاءات حكومية، باعت الولايات المتحدة حوالي مليوني برميل من النفط الخام الإيراني مقابل 110 ملايين دولار.
المفاوضات النووية
وبحسب الخبراء، فإن أحد شروط استمرار إيران في البقاء في الاتفاق النووي هو رفع العقوبات ومنع الإجراءات الأميركية لحصار اقتصادي لإيران والسماح لها ببيع نفطها، ولعل رسالة هذه العملية هي أن إيران لم تعد تسعى لتقديم المزيد من التنازلات لرفع العقوبات، وأنه في حال استمرار العقوبات ستستمر في تصدير نفطها.
وذكرت صحيفة “سياست روز” (سياسة اليوم) أن “لهجة ومواقف المسؤولين الأميركيين والأوروبيين عشية بدء مفاوضات إحياء الاتفاق النووي ليست مثمرة لأنها مصحوبة بتهديد وأجواء سلبية ضد جمهورية إيران الإسلامية، وأظهرت العملية التي نفذتها البحرية التابعة للحرس الثوري أن المقاومة يمكن أن تنتصر في ساحة المعركة”.
ويرجح المحللون الإيرانيون أن إيران ستكون أقوى في المفاوضات المستقبلية مع الغرب حول الملف النووي بعد هذا الحدث، والميدان (ساحة المعركة) سيدعم الدبلوماسية، وأن دبلوماسيي طهران ليسوا خائفين من التهديدات الأميركية، وأن إيران على قدم المساواة مع القوى العالمية الكبرى، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية أو الأمنية.