في أعقاب اعتقال أربعة من الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين حفروا نفقهم للتحرر من سجن جلبوع، تحدّثت تقارير إسرائيلية عن عيوب إدارية داخل الأقسام الأمنية في السجون الإسرائيلية مكّنت الأسرى من التصرف بـ “استقلالية” وزعمت أن “الأسرى في الأقسام الأمنية “يتصرفون كمن يديرون دولة داخل دولة”. ما يثير الشكوك حول أهداف هذه التقارير وكونها مقدمات للمزيد من التنكيل والتضييق على الأسرى.

ونقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، اليوم الاثنين، تصريحات لعدد من السجانين في سلطة السجون الإسرائيلية زعموا فيها أن قدرة حراس السجون على التحكم بما يجري داخل الأقسام الأمنية ضعيفة وأن اليد العليا هي للأسرى و”العقيد” المسؤول في كل قسم أمني وأنهم يتمتعون بالعديد من الامتيازات تجنبا من إدارات السجون للقلاقل التي يمكن أن تحدث وتداعياتها على الصعيد الأمني والسياسي.

وقالت إن “يعقوب قادري” أحد أسرى نفق الحرية الذين فرّوا، الاثنين الماضي، من قسم “2” في سجن جلبوع، حاول الهرب مع أسرى آخرين من الجهاد الإسلامي في العام 2014 ويشتبه كذلك في أنه حاول قبل سنة تهريب هواتف خلوية ومنشار إلى القسم “2” في سجن جلبوع بواسطة مسيّرة وأن العملية جرى التخطيط لها على يد حركة الجهاد الإسلامي في شمالي الضفة الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن “محاولة تهريب الخلوي والمنشار فشلت، وأنه لم يجر تقديم لائحة اتهام ضد قادري، رغم أنه جرى ضبطه في إحدى المرات متلبسا وهو يتحدث في هاتف خلوي وقام بإلقائه فور اقتحام غرفته، مدعيا أن الهاتف يخدم جميع من في القسم وأنه ليس له شخصيا. في الشرطة شكّوا أن الهواتف الخلوية التي كان من المفترض تهريبها كانت معدّة لقادري لكنه أنكر ذلك وقال: إن استطعتم إثبات ذلك فعاقبوني فأنا عندكم لم أهرب أنا في السجن”.

وأضاف تقرير “هآرتس” أن “الحراسة في سجن جلبوع بعد محاولة الهرب عام 2014 ومحاولة تهريب أجهزة خلوية وغيرها لم تشدّد وإنما بالعكس من ذلك فقد جرى الاستغناء عن الحراسة في أحد الأبراج المحيطة بالسجن إلى جانب الاستغناء عن أدوات أخرى للحماية بحجة نقص في القوى العاملة أضف إلى ذلك تصرفات السجانين. كل ذلك أدى إلى النتيجة التي كانت تقريبا مكتوبة على الحائط: هروب ستة أسرى بواسطة نفق. إهمال السجانين في عملهم كان كبيرا، بحسب مصدر في الشرطة، لدرجة دراسة إمكانية التحقيق مع عدد من الحراس تحت التحذير بسبب خيانة الأمانة”.

وزعم التقرير “عن الاستقلالية التي يتمتع بها الأسرى في قسم 2 بسجن جلبوع شهد كذلك السجانون. في عام 2018 أقام وزير الأمن الداخلي حينها، جلعاد اردان، لجنة خاصة لفحص شروط اعتقال الاسرى الأمنيين، وقد التقت اللجنة بعشرات السجانين وكبار المسؤولين في سلطة السجون. ووصف سجانون خدموا في سجن “عوفر” وسجن “كتسيعوت” الأوضاع داخل السجون بكلمات قاسية بالقول: “هذه دولة داخل دولة، الأسرى الأمنيين يديرون شؤونهم ويسيطرون من الداخل”. عدد آخر من السجانين اعترفوا: “نحن نفتقد السيطرة داخل الأقسام الأمنية، لا يمكننا الحديث مع أي سجين، الشعور داخل الأقسام الأمنية وكأنك تقتحم بيوتهم”. أعضاء اللجنة التي عينها وزير الأمن الداخلي حينها خرجت باستنتاج مفاده أنه في الأقسام الأمنية يوجد حكم ذاتي للمنظمات الإرهابية”.

وأشار التقرير إلى أن “اللجنة تطرقت بصورة محددة إلى سجن جلبوع، وحذّرت من عدم معرفة السجانين لما يجري داخل الأقسام الأمنية، وتطرق تقرير اللجنة إلى العديد العيوب وحذروا من الامتيازات التي يحظى بها الأسرى وصلاحيات مسؤول الأسرى (الناطق باسمهم) ومساعده “الشاويش”، ومنها عدم القدرة على تفتيش الغرف بدون وجود مسؤول الأسرى وأن مسؤول الأسرى في القسم الأمني هو الذي يدير القسم بصورة فعلية”.

وزعم تقرير صحيفة “هآرتس” أن شهادات العديد من السجانين في جلبوع وغيره من السجون تشير بوضوح إلى “خشية السجانين من غضب الاسرى الأمنيين” وقالت الصحيفة إن اللجنة التي عينت للإشراف أوصت بضرورة إلغاء وظيفة مسؤول الأسرى والحد من استقلالية الأقسام الأمنية، ولفتت إلى أن “توصيات اللجنة بقيت داخل أدراج وزارة الأمن الداخلي ولم تخرج إلى حيز التنفيذ، لأن رئيس الحكومة حينها، بنيامين نتنياهو لم يطرح التوصيات على المجلس الوزاري الأمني” ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني أن “خشي نتنياهو أن تطبيق التوصيات سيؤدي إلى توتر في الحالة الأمنية”.

وختمت صحيفة “هآرتس” تقريرها بالقول إن “الإخفاقات التي حذّرت منها اللجنة قبل 3 سنوات، تسببت بالتأكيد في عملية هروب الأسرى الأسبوع الماضي. وأفاد مصدر مطلع للصحيفة أنه بالإضافة إلى العيوب والثغرات الأمنية التي اكتشفت مؤخرا لم يجر أي تفتيش جدي داخل قسم 2 في سجن جلبوع منذ أكثر من سنة. التفتيشات التي جرت كانت روتينية ولم تمم على يد وحدة خاصة”.

الكلمات الدلالية :