الجمعة 03 سبتمبر 2021 14:51 م بتوقيت القدس
في الآونة الأخيرة، بدأ المسجد الأقصى المبارك يشهد توافدًا إضافيًا للأعداد الكبيرة من المصلين، بينهم عائلات وأطفال وشباب، يتوافدون إلى المسجد منذ ساعات الفجر وينتشرون في ساحاته ومصلياته المسقوفة بعد أدائهم صلاة الفجر جماعة مع المصلين، وذلك ضمن مبادرة مشروع “رباط الحمائل” في مدينة القدس المحتلة.
عائلة سلهب كانت أولى العائلات المقدسية التي جمعت المئات من أبناء حمولتها ودخلوا المسجد الأقصى قبيل صلاة الفجر من بوابات المسجد وحناجرهم تصدح بالتكبيرات والهتافات الداعية لحماية الأقصى قبل أسبوعين، وفي الأسبوع الأخير كان الرباط من نصيب عائلة السلايمة التي أكدت أنها أخذت قرار الرباط في المسجد الأقصى والصلاة فيه وخاصة أيام الجمعة. كما ودعت العائلات المقدسية للحذو حذوها والاجتماع في الأقصى في كل صلاة على غرار رباط الحمائل.
أصل الفكرة
تعود فكرة “رباط الحمائل” إلى الشيخ رائد صلاح التي أطلقها عام 2007 بالتزامن مع ذكرى مرور 40 عامًا على الاحتلال الإسرائيلي للشطر الشرقي لمدينة القدس والمسجد الأقصى، وردًا على محاولات الاحتلال هدم جزء من المسجد الأقصى وهو المعروف باسم طريق المغاربة عام 2007، ومحاولات تحويل مسجد البراق إلى كنيس يهودي.
تقوم فكرة “رباط الحمائل” على توزيع أيام الأسبوع على كل منطقة في القدس كي يرابط أهلها في الأقصى، وذلك كله إلى جانب مسيرة البيارق التي كانت توفر الحافلات اليومية مجانًا لأهل النقب والجليل والمثلث والمدن الساحلية ليرابطوا يوميًا في المسجد الأقصى، التي أطلقت عام 2000 على يد الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني التي حظرتها السلطات الإسرائيلية في تشرين الثاني من العام 2015.
وأطلق يومها على المشروع اسم “برنامج رباط حمائل القدس الشريف في المسجد الأقصى”، على اعتبار أنه يوجد في القدس الشريف أكثر من مائة وخمسين حمولة توزع إلى مجموعات كل مجموعة تضم عشر حمائل فقط، وتقوم كل مجموعة برباط يوم واحد في كل شهر سوى أيام الجمعة والسبت.
وتعمل كل حمولة في كل مجموعة على استنفار رجالها ونسائها وكبارها وصغارها إلى المسجد الأقصى في يوم رباطها لرفد المسجد الأقصى يوميًا بالمصلين صباح مساء لنصرة المسجد الأقصى.
بشارة لفزعات عائلية مستقبلية
وفي تعقيب للصحافية المقدسية، جمان أبو عرفة لـ “المدينة” حول تفاعل الشارع المقدسي مع هذه المبادرة قالت: باتت صلاة الفجر في المسجد الأقصى موعدًا مثاليًا في مكان أمثل لالتقاء أبناء العائلة الممتدة المقدسية، الذين يشدون الرحال إلى المسجد بالعشرات لتعظيم سواد عائلتهم وجعلها المثل الأعلى بين عوائل القدس، وإكسابها شرف عمارة الأقصى.
وتضيف أبو عرفة: “كان لعنصر المنافسة الدور الكبير في تحفيز مزيد من العائلات لحشد أفرادها، وكما عُرف بين أفرادها مصطلح “الفزعة” لنصرة ونجدة بعضهم بعضا، تجلى اليوم في الفزعة لنصرة المسجد الأقصى والرباط فيه، وإكرام مصليه بالطيبات. هذا فجر الأقصى، ولعلها تكون بشارة لفزعات عائلية مستقبلية أمام كل خطر يحيق بالقدس والأقصى”.
“فليتنافس المتنافسون”
الدكتور جمال عمرو، الباحث والمختص بشؤون القدس والمسجد الأقصى، يرى من جهته أن مبادرة “رباط الحمائل” مبادرة مباركة ومشرّفة وضرورية جدًا في هذه الآونة التي يغيب فيها العمل الجماعي وتغيب فيها القيادة المؤتمنة للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.
ويتابع: “تذكرنا هذه المبادرة بعهد رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما وفدت إليه الحمائل والعشائر”. ويقول: “إن هذه المبادرة من أعظم التقوى والرباط وتؤكد تمايز الحمائل بعضها عن بعض ومستوياتها عند الله ومنزلتها هو الرباط في المسجد الأقصى المبارك”.
ويتساءل عمرو في حديثه لـ “المدينة”: “أيوجد شرف أعلى من هذا الشرف، هذه هي التقوى، هذه هي الأعمال المشرفة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليتسابق المتسابقون. فلتتسابق الحمائل في فلسطين ولتسارع إلى مغفرة من الله وإلى رباط وتحصل على شرف الدفاع عن المسجد الأقصى وتدون لها منزلة وصفحة بيضاء ناصعة تحتج بها يوم يقوم الحساب وتشهد عليها الملائكة. وسيشهد عليها التاريخ وسيكون لها بإذن الله تعالى نتائج إيجابية وباهرة لأن إعمار المسجد الأقصى المبارك من أعظم درجات الإيمان”.
ثم إن العشائر التي تنشغل في الرباط وهمها الرباط وتجتمع على كلمة الرباط وهذا يعني ذروة سنام الإسلام، يلفت الدكتور عمرو ويؤكد: “فإذا فعلت ذلك الحمائل فإنها تنشغل عن سائر الأمور الدنيوية الأخرى والتي قد تكون كارثية ومؤلمة، مثل الانشغال فيما يغضب الله والأمور التي تذكرنا بالجاهلية الأولى، فعودة الناس إلى الجاهلية الأولى شغلهم عن المسجد الأقصى المبارك فإذا ما تركوا الدنيا وما فيها من مشاغل وانشغلوا في المسجد الأقصى فإنهم يصبحون ملائكيين كلما اقتربوا من جوهر الرباط وروح الرباط أصبحوا أقرب إلى التقوى وتسمو أرواحهم كالملائكة ويبتعدون عن طينة الأرض وهذا شيء هام جدًا”.
ويختم الدكتور جمال عمرو، الباحث والمختص بشؤون القدس والمسجد الأقصى حديثه لـ “المدينة” بالقول: “نشد على أياديهم ونقف معهم ونحييهم فردًا فردًا ونقول إن العائلات في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس وسائر أنحاء فلسطين ينبغي أن يكون لها سهمًا من الرباط وسهمًا في سبيل الله ترفع به شأنها وتتشرف به أمام الله سبحانه وتعالى”.