قال كاتب إسرائيلي إن معظم سكان العالم ونصف الإسرائيليين يرون أن الاحتلال للضفة الغربية أمر غير مرغوب فيه، بل إنه كارثة، لكن قلة منهم يتوقعون أن ينتهي الأمر باتفاق مع الفلسطينيين، وفي غضون ذلك يميل الإسرائيليون لتجاهل هذه المشكلة قدر الإمكان، لكن لعل ما أيقظهم قرار شركة الآيس كريم Ben&Jerrys بعدم بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة.
وأضاف دان بيري في مقاله على موقع زمن إسرائيل، أن “القرار الأمريكي يعني مقاطعة المستوطنات التي تنتهك القانون الدولي، وهو تأكيد على أن الضفة الغربية ليست جزءا من إسرائيل، ما شكل فشلا كبيرا للمهمة الإسرائيلية لإقناع العالم بهذا الادعاء، بزعم أن لديها مصلحة كبيرة بالحفاظ على الأغلبية اليهودية، والمستوى الحالي الذي يقل عن 80٪ هو الحد الأدنى الضروري لاعتبارها دولة يهودية”.
وأشار دان بيري، رئيس جمعية الصحفيين الأجانب في إسرائيل، إلى أن “الاحتلال الإسرائيلي الدائم للضفة الغربية يتعارض مع هذه المصلحة، مثل احتلال غزة الذي انتهى عام 2005، والتخيلات حول الرحيل الجماعي للفلسطينيين غير أخلاقية ومستحيلة، وأي محاولة لفرضها ستؤدي إلى الدمار، صحيح أن الفلسطينيين يعتقدون أنها خطة إسرائيل السرية، لكن ليس هناك من ينكر أن لها تأييدا في معسكر اليمين، كما أن خط الهدنة 1949، المعروف بحدود 1967 أو الخط الأخضر، ليس مقدسًا”.
وأكد أنه “يمكن القول عن أي دولة محتلة بأنها غير أخلاقية، لأنها تسعى للسيطرة على السكان الأحرار، ممن يتكبدون خسائر صباح مساء بسبب ضغط إصبع طفيف للجيش الإسرائيلي على الزناد، وصحيح أن مخاوف الإسرائيليين من تعرضهم للهجوم من الضفة الغربية عقب الانسحاب منها، كما حدث مع غزة، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لكن احتلال الفلسطينيين المضطهدين والمحرومين لن يجلب الأمن أيضًا”.
وأشار إلى أنه “يجب على إسرائيل أن تجدد استعدادها لإجراء محادثات مع الفلسطينيين لإنجاز تسوية دائمة، على غرار جهود رئيسي الوزراء إيهود باراك وإيهود أولمرت، ولن يكون من الحكمة الحفاظ على واقع الاحتلال من خلال اتخاذ مواقف متطرفة تعطل المفاوضات، أو باتخاذ إجراءات أحادية الجانب تهدف لتحييد التهديد الديموغرافي”.
وأكد أن “هناك إمكانية لرسم خارطة طريق محتملة، بموجبها تعلن إسرائيل عن حدود مثالية تجلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين لأراضيها، وحد أدنى من الضفة الغربية، ونقل ما لا يزيد على 15٪ منها لإسرائيل، وترك أقل من 100 ألف مستوطن عبر الحدود، وفي هذه الحالة سيضمن الفلسطينيون تعويضًا أكثر سخاء في اتفاقية سلام مستقبلية، كما سيحصلون على أرض صحراوية في النقب”.
وكشف أن “المستوطنين الباقين عبر الحدود سيحصلون على تعويضات سخية، قرابة من نصف مليون دولار للبالغين، وربع مليون للأطفال، بمبلغ إجمالي يصل 40 مليار دولار، وهذا هو ثمن خطأ استراتيجي فادح، ما يتطلب من إسرائيل إبقاء جيشها في نقاط معينة داخل الأراضي الفلسطينية، مع تقليل الاحتكاك مع السكان، وفي نفس الوقت إنشاء آلية دولية لفحص البدائل مثل قوة الناتو أو الجامعة العربية، بكلفة 60 مليار دولار”.
وأكد: “هناك مسألتان تتطلبان اهتمامًا إسرائيليا خاصًا، أولاهما أن غزة في الوقت الحاضر لا تشكل تهديدا ديمغرافيا، على عكس الضفة الغربية، ولذلك يتعين التعامل معها بشكل منفصل، وثانيهما القدس، بحيث يمكن نظريًا ترك الوضع على ما هو عليه، لكنه سيبقى جرحا نازفا من شأنه دائمًا تعطيل العلاقات مع الفلسطينيين، رغم أن ما يمكن فعله في الواقع هو تقسيم القدس بين دولتين”.
وأضاف أنه “لو اتخذت إسرائيل هذه المبادرات علنًا، وبطريقة حازمة، لحظيت بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجزء كبير من العالم العربي، وظهر الضغط على الفلسطينيين كبيرا، لأن العالم سئم من الصراع والمفاوضات الأبدية، والخلاصة أن خارطة الطريق هذه لن يحبها الجميع، ولا أعتقد أنها سترضي جميع الفلسطينيين، ومع ذلك، ربما يكون هذا هو الخيار الأقل سوءاً الذي يواجه الدولة اليهودية”.