الاثنين 14 يونيو 2021 15:34 م بتوقيت القدس
تعرض ساسة ومشاهير مصريون لهجوم حاد مؤخرا، إزاء اعتراضات على إدارة النظام لملف سد النهضة، وهو ما بلغ حد الاعتقال ورفع الدعاوى القضائية والتشهير إعلاميا.
وتم في هذا الإطار اعتقال السفير السابق يحيى نجم بعد نشره مقالا هاجم فيه عبد الفتاح السيسي وسياسته في القضية الأهم بمصر.
وتم رفع دعوى قضائبة ضد الفنان إيمان البحر درويش، حفيد الموسيقار سيد درويش، فضلا عن حملة إعلامية ضده من إعلام النظام، طالت أيضا الخبير الهندسي ممدوح حمزة.
وعبر نشطاء في تصريحات عن إدانتهم لمثل هذه الإجراءات، متهمين نظام السيسي وإعلامه بالتربص بأي شخص يبدى أي رأي مخالف للنظام، مبدين تضامنهم مع هؤلاء، ومطالبين بوقف مثل هذه الحملات خاصة أن الأمر يتعلق بقضية أمن قومي وتهديد وجودي لمصر.
وكانت نيابة أمن الدولة قد قررت مؤخرا حبس القائم بأعمال سفير مصر السابق في فنزويلا يحيى نجم 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعدما أسندت له تهم الانضمام لـ”جماعة إرهابية” ونشر “أخبار كاذبة” و”إساءة استخدام” وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاء ذلك بعد إلقاء القبض على الدبلوماسي السابق باقتحام منزله في 29 أيار/ مايو الجاري. وبعد اختفاء استمر لمدة 3 أيام ظهر نجم في اليوم الرابع أمام نيابة أمن الدولة، ليتم التحقيق معه.
وكان السفير السابق قد نشر عدة مقالات على موقع “180” هاجم فيها سياسة السيسي في أزمة السد.
وفي نفس السياق تقدم المحامي المصري سمير صبري ببلاغ عاجل للنائب العام، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد الفنان إيمان البحر درويش، واتهمه فيه بـ”التحريض على الفوضى وإثارة البلبلة والرأي العام”.
وقال صبري في بلاغه، إن إيمان البحر درويش هاجم على صفحته الشخصية تعامل الدولة مع أزمة سد النهضة الإثيوبي، معتبرا أن ما جاء في المنشور الذي دونه، عبارات تثير الفوضى بالبلاد.
وأثار المطرب إيمان البحر درويش عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد منشور تناول رأيه في قضية سد النهضة، داعيا إلى استخدام القوة العسكرية لحسم الملف.
واستعان إيمان البحر درويش بكلمات وتعبيرات حادة للتعبير عن رأيه في ملف سد النهصة، وهو ما جلب عليه انتقادات وهجوم رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الإعلاميين.
وتم شن حملة إعلامية على درويش.. فقد كتب الإعلامي والكاتب الصحفي محمد الباز، عبر حسابه علي فيسبوك: “إيه مشكلة إيمان البحر درويش؟ من زمان على فكرة وإيمان البحر درويش فقد صلاحيته الفنية، ومن زمان كمان فقد صلاحيته العقلية”.
وخلال برنامجه “بالورقة والقلم”، انتقد الإعلامي نشأت الديهي على فضائية “تين” تصريحات إيمان البحر درويش وقال: “إيمان البحر درويش عمال يتكلم على تحلية مياه البحر ويسخر، هو راجل فنان، مطرب عظيم أو مش عظيم معرفش تقييم الناس”، مطالبا إياه بعدم التدخل في السياسة.
ولم يقف هجوم الديهي عند درويش ولكنه امتد ليشمل الخبير الهندسي ممدوح حمزة، قائلا إنه “فقد الكثير من العقل”، مطالبا حمزة بالصمت وعدم الكلام في الأمن المائي، مؤكدا أن الدولة المصرية تدير أزمة سد النهضة بأفضل ما يمكن، بحسب تعبيره.
جمهورية الخوف
وفي حديث لـ”عربي21″، قال الباحث الحقوقي أحمد العطار، إن الدستور المصري نص في المادة (47) على حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى “النقد الذاتي والنقد البناء لضمان سلامة البناء الوطني”.
وتساءل العطار: “فهل ما جاء به الدستور المصري ضرب من الخيال وبعيد عن الواقع؟ وهل هناك من يحارب هذا الحق الدستوري الأصيل؟”.
وتابع: “تلك الدعاوى القضائية التي يقوم بها بعض المحامين المحسوبين على النظام المصريين والمعروفين للجميع، بغرض إسكات أصوات المعبرين عن رأيهم بشكلٍ علني وسلمي، بالتأكيد لا تبني إطلاقا وطنا حرا ديمقراطيا حديثا. بل إنها تساعد وتساهم في ترسيخ جمهورية الخوف”.
وأضاف: “الحقيقة أن ما جرى من اعتقال السفير يحيى نجم أو الهجمة الشرسة إعلاميا وقانونيا على المطرب إيمان البحر درويش والمعماري ممدوح حمزة، تأتي في سياق الهجوم غير المبرر والمتعمد، بإرسال رسالة ترهيب للشعب المصري لمنعه من أي اعتراض على ما يجري”.
توجيهات أمنية عليا
ومن جانبه قال الأمبن العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، قطب العربي، إن “الهجوم المنظم ضد أصحاب وجهات النظر المخالفة للنظام وسياساته تجاه قضية السد الإثيوبي، لا يأتي بشكل طبيعي من مقدمي البرامج أو المعلقين في وسائل الإعلام”.
وأضاف العربي، أن ذلك إنما يأتي “في إطار توجيهات سياسية وأمنية عليا، تستهدف منع انتشار هذه الأصوات المعارضة، حتى لا تفتح الباب لانفجار شعبي غاضب ضد النظام، الذي لا يستطيع مواجهة إثيوبيا الأضعف من مصر عسكريا بمراحل كثيرة”.
وتابع: “النظام يخشى من عودة الحراك إلى الشارع، انطلاقا من أزمة المياه التي تهم كل مواطن مصري أيا كان توجهه السياسي لذا فهو يسعي لتكميم الأفواه أولا بأول”.
وختم بالقول: “الأذرع الإعلامية تقوم بدورها في تشويه التحركات المناهضة للفشل السياسي والعسكري في إدارة الأزمة، واعتبار هذه التحركات مساسا بالأمن القومي للبلاد، ثم يأتي دور الأذرع القانونية التي تقدم بلاغات للنيابة ضد هؤلاء النشطاء وليتم حبسهم بتهمة تكدير الأمن العام ونشر بيانات كاذبة”.
المصدر: عربي 21