الجمعة 16 اكتوبر 2020 10:32 م بتوقيت القدس
توفيت اليوم الجمعة، الداعية المربية فاطمة جوابرة (أم محمد) من قرية الفريديس، إثر إصابتها بفيروس كورونا، بحسب ما أعلن عنه الطاقم الطبي في مستشفى “هيلل يافة” بالخضيرة.
وانتقلت الداعية جوابرة إلى جوار ربها عن عمر يناهز الـ 59 عاما، بعد مسيرة حافلة في مجال الدعوة والعمل الإسلامي وأعمال الخير والإصلاح على مستوى قرية الفرديس والداخل الفلسطيني، حيث كانت لسنوات طويلة مسؤولة الدعوة النسائية في منطقة المثلث الشمالي.
ولدت الداعية فاطمة جوابرة في مخيم جنين عام 1961، درست العلوم الشرعية في جامعة القدس- أبو ديس ونشطت في الدعوة الإسلامية منذ مطلع الثمانينات، ومتزوجة في قرية الفريديس من السيد محمود جوابرة، ولديها ابن وثلاث بنات.
عاشت في سبيل دعوتها حتى آخر عمرها
هذا وقد نعى الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء، القيادي الإسلامي في الداخل الفلسطيني وإمام مسجد التقوى في الفريديس، بوفاة الداعية فاطمة جوابرة مستهلا حديثه لـ “موطني 48” بتلاوة الآية الكريمة: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
وقال: “نعزي أنفسنا بوفاة الشيخة الداعية الفاضلة المربية أم محمد، فاطمة جوابرة والتي هي في الأساس فاطمة أبو الهيجاء، هذه الفاضلة رحمة الله عليها التي عرفناها منذ الصغر ومنذ نعومة أظفارنا وقد نشأنا سوياً في هذه الدعوة المباركة أنها كانت من أقطاب وما زالت حتى لحظتها الأخيرة من حياتها من أعمدة الدعوة الإسلامية على جميع المستويات، إن كان محليا أو مناطقيا أو قطريا”.
وتابع: “أم محمد التي توفيت عن عمر 59 عاما والتي كانت قد تخرجت من كلية الشريعة والتي ما توانت ولا ترددت في أن تلتحق في جميع الدورات التي كان يعلن عنها في مجلس الإفتاء أو في غيره، وذلك حباً منها في التفقه والعلم، وحبا منها في الإثراء وحتى تثري دعوتها وحتى تثري عطائها المبارك”.
وأضاف الشيخ أبو الهيجاء: “الداعية أم محمد مع أنها أم وزوجة كباقي النساء ولكن ما تميزت به رحمها الله تعالى أنها كانت فوق ذلك أيضا المربية وكانت الواعظة والمصلحة وكانت الموجهة والراعية لجميع أخواتنا في هذه الدعوة المباركة خصوصا ولأهل بلدنا عموما”.
“أحبها وأثنى عليها الجميع وفقدانها لا شك أنه سيحدث ثغرة كبيرة وليست بالبسيطة في دعوتنا على المجال النسائي، ولكن أسال الله تبارك وتعالى كما سخرها أن يسخر من يكمل مشوراها الذي بدأته الشيخة الداعية فاطمة جوابرة رحمها الله تعالى”.
وبيّن الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء في حديثه لـ “موطني 48″، أن المرحومة أم محمد هي “من النساء التي ضحت في سبيل الله حتى آخر عمرها وكانت تترك زوجها وأبنائها وبيتها وتنطلق بلا تردد إن كان إلى مقاعد الدراسة وإن كان إلقاء الدروس في المحاضن التربوية أو اللقاءات الإدارية وما إلى ذلك من غير تردد منها”.
وقال: “أم محمد هي قليل من النساء حقيقة ولا نبالغ أن يكونوا بأمثالها وعلى مستواها التي أكرمها الله تعالى، عرفنا منها الصدق والإخلاص ولا نزكي على الله أحدا في الولاء المطلق لدعوتها ومشايخها ولأبناء هذه الدعوة عموما والتي أحبتهم كثيرا وكانت تحدثنا عن هذا مرارا وتكرار أن الدعوة في حياتها هي كل شيء الدعوة في حياتها هي حياتها هي حاضرها ومستقبلها وهي دنياها وآخرتها، لذلك كانت الأوليات عندها هي دعوة الله بكل متطلباتها وعلى كل مسؤولياتها كما ذكرت بالإضافة إلى كونها أم وزوجة”.
وفي ختام حديثه، أشار الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء، القيادي الإسلامي في الداخل الفلسطيني وإمام مسجد التقوى في الفريديس، إلى أن الداعية فاطمة جوابرة توفيت إثر وباء كورونا بحيث أصيبت في مجرى التنفس وكانت هذه هي آخرتها، وندرك تماما أن الله يموت بطنة أو إلى ما ذلك من هذه الميتات فقد أعدّها النبي عليه الصلاة والسلام من الشهداء، فبما أنها قدر لها من الله تعالى أن تموت في هذا الوباء فإننا نحتسبها عند الله تعالى أنها من الشهداء ونسأل الله أن يكرمها بكرامة الشهداء وأن ينزلها منازل الشهداء وأن يجمعنا بها في جنات النعيم”.
تلقفتنا صغاراً وأرضعتنا حب الإسلام
وتحدثت لـ “موطني 48” الداعية ليلى مواسي، عضوة المجلس الإسلامي للإفتاء، والتي تتلمذت منذ صغرها في حلقات التربية والدعوة التي قامت عليها الأخت المرحومة فاطمة جوابرة، وقالت: “تلقفتنا أطفالا صغارا، أرضعتنا حب الإسلام، نثرتنا بذورا في أرض الدعوة الخصبة، علمتنا كيف نقيم الصلاة ونحسنها، مرنت ألسنتنا على الدعاء والنجوى، قوّمت اعوجاج حروفنا حتى مهرنا في القران وتغلبنا على التعتعات، نشأنا على دموعها المنهمرة دوما وهي تدعو لعزّ الاسلام ونصر المسلمين”.
وأضافت مواسي: “ذوتت فينا أن أعمارنا ما هي إلا مشروع خدمة للرسالة المحمدية نفتدي ميراثه بأرواحنا، علمتنا أن المؤمن للمؤمن كالبنيان. وماتت وهي تدعو أن لا يذيق الله ألمها ووجعها الذي عانته لأي مسلم. تقبلك الله يا قطعة الفؤاد في عليين وزفتك الملائك للقاء الله مشيعة بترانيم: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية. وسنفعل نحن بناتك واخواتك في الدعوة كما كنتِ توصيننا دوما عند كل وجع ومصيبة: نضع يدنا على مكمن الألم ونقول: اللهم إننا نشكو بثنا وحزننا اليك”.
“نامي قريرة العين أماه. وسنكون للإسلام كما اردتِنا أن نكون سهاما صائبة لا تخيب. ولتهنئي بشربة الكوثر من يد الحبيب صلى الله عليه وسلم.. فإنه يمد يده ليمسح دموعك التي طالما نزلت وأنت تنتظرين لحظة الشراب على شدة الظمأ..إنا لله وانا اليه راجعون”.