الاثنين 27 ابريل 2020 07:23 م بتوقيت القدس
يفتقر الأطباء في البلدان الفقيرة في إفريقيا وجنوب آسيا، للعنصر الأساسي المطلوب لإنقاذ المصابين بوباء كورونا المستجدّ، بأخطر أشكاله، أي الأوكسجين نفسه بحسب تحذيرات الخبراء، فيما تلقي الأزمة الصحية الراهنة بعبء كبير على الأنظمة الاستشفائية حتى الأكثر تقدما منها، مع صعوبات تتعلق خصوصا في التزود بأجهزة تنفس اصطناعي. وبلغ الوضعُ من السوء حدًّا، بات يتوفّر فيه فقط "25 سريرا، لكل 17 مليون نسمة"، كما في بعض الدول.
ويخشى الخبراء من أن يطغى هذا الاهتمام بالشق الأكثر تقدما في تقنيات المساعدة على التنفس، على الحاجة الأكبر في الأنظمة الصحية الأكثر ضعفا وهي الأوكسجين الطبي الذي يشكل مكونا رئيسيا في وحدات العناية الفائقة.
وقال طبيب الأطفال والباحث في جامعة ملبورن، هاميش غراهام: "الواقع هو أن الأوكسجين يمثل العلاج الوحيد الذي سينقذ الأرواح في إفريقيا ومنطقة آسيا - المحيط الهادئ في هذه المرحلة".
وأوضح: "أخشى أن يكون التركيز المفرط على أجهزة التنقس قاتلا في حال لم تحل مشكلات الأوكسجين".
وأظهر تقرير نشر في شباط/ فبراير عن آلاف الحالات في الصين أن ما يقرب من 20 % من مرضى كوفيد-19 احتاجوا إلى الأوكسجين.
وهاجم فيروس كورونا المستجد الرئتين متسببا بأشكال حادة من الضيق التنفسي كما يؤدي إلى تراجع خطير في مستوى الأوكسجين في الدم.
ولفت غراهام إلى أن "وجود الأوكسجين بديهي في مستشفيات البلدان الغنية". لكن في باقي أنحاء العالم، "يدرك المعالجون تماما المشكلة إذ إنهم يكافحون يوميا لتزويد مرضاهم بالأوكسجين".
وتضم مستشفيات كبرى كثيرة في البلدان النامية عبوات أكسجين في غرف العمليات والخدمات الطبية، إضافة إلى أجهزة توليد أكسجين وهي معدات محمولة تتيح تنقية الهواء المحيط.
غير أن دراسات عدة تظهر أن أقل من نصف المستشفيات في إفريقيا وآسيا - المحيط الهادئ لديها أكسجين متوفر في أي وقت، وفق غراهام. كما أن عددا أدنى من هذه المؤسسات مجهز بأدوات قياس التأكسج النبضي وهي أجهزة صغيرة توضع عند طرف اصبع المريض لقياس مستوى الأوكسجين في الدم.
هذا القلق ليس جديدا لدى الأشخاص الذين يعالجون المرضى المصابين بالالتهاب الرئوي، أكثر الأمراض المعدية فتكا لدى الأطفال دون سن الخامسة.
ورغم السياسات المحلية المعتمدة، يثير الوضع في بعض مناطق نيجيريا أحد أكثر البلدان تضررا بهذا الوضع، "قلقا كبيرا للغاية" وفق آدامو إيساه من منظمة "سايف ذي تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) غير الحكومية.
وقال هذا الطبيب السابق لوكالة "فرانس برس" إن رؤية أطفال "يعانون ويختنقون" أمر بات شائعا، مضيفا "نشعر أننا بلا جدوى. لا يمكننا فعل الكثير من دون الأوكسجين".
وأوضحت منسقة ائتلاف "إيفري بريث كاونتس" ليث غرينسلايد من ناحيتها أن "الأنظمة الصحية في إفريقيا وجنوب آسيا لم تكن جاهزة البتة لمثل هذا الوباء وهي لم تستثمر في العلاجات التنفسية". ووصفت الوضع بأنه "مرعب".
ورغم وفاة 800 ألف طفل جراء الالتهاب الرئوي سنويا، لا يحظى هذا المرض بالاهتمام عينه كالإيدز والملاريا والسل.
كما أن السلطات الصحية العالمية "أهملت تماما" مسألة الأوكسجين وفق ليث غرينسلايد التي تشير إلى أن "غياب البيانات العالمية (بشأن التزود بالأوكسجين) سيشكل مشكلة كبرى للرد على كوفيد-19 لأننا نسير على غير هدى ولا نعلم ما هي البلدان الأكثر حاجة".
ولفتت إلى أنه "رغم كون الوباء لا يزال ضعيفا نسبيا في إفريقيا وبعض أنحاء آسيا، لكن يبقى على الأرجح هامش زمني لشهرين" للتحرك.
ورغم صعوبة التكهن بالطريقة التي سينتشر فيها الفيروس في هذا الجزء من العالم، يدعو الخبراء إلى تعزيز أنظمة الرعاية الطارئة.
وقالت غوين هاينس من "سايف ذي تشيلدرن": "كما في كل مكان، يجب تسطيح المنحنى (الوبائي)، لكن إذا كانت المؤسسات تفتقر للأسرّة في غرف العناية الفائقة، أو تضم القليل منها كما في ملاوي التي تعد 25 سريرا لكل 17 مليون نسمة، فسيتعذر تحقيق الهدف المرجو".
وتعمل هذه المنظمة في ملاوي حيث جرى التأكيد على بعض الإصابات، بهدف توفير أجهزة توليد أكسجين عاملة على الطاقة الشمسية في ظل ضعف شبكة التيار الكهربائي وغياب مواقع إنتاج الأوكسجين، لكن في عز الأزمة الصحية، يخشى الخبراء من فشل المجتمع الدولي في التحرك بالسرعة المطلوبة لسد هذا النقص في الأوكسجين وباقي التجهيزات الأساسية في البلدان الأكثر فقرا.
وفي نيحيريا، يجب أن تبدأ المساعدة بإرسال أدوات قياس التأكسج النبضي ثم أجهزة توليد أوكسجين في المستوصفات المتواضعة، ليعقب ذلك إرسال أجهزة تنفس وفق آدامو إيساه.
وأضاف: "أخشى أنه في حال استمر هذا الوباء أكثر من شهرين، علينا مواجهة مشكلات شديدة الخطورة".
وذكر إيساه أنه "في أوروبا والولايات المتحدة، ربما لديهم القدرة لسد الحاجات، لكن ليس في إفريقيا حتى في أوقات السلم".