تواصل جهات إسرائيلية حملاتها على رئيس الحركة الإسلامية المحظورة في الداخل برئاسة الشيخ رائد صلاح، وهذه المرة انضم باحث بارز للأوساط السياسية محذرا من أن صلاح يستمر في “تحريض وإثارة” فلسطينيي الداخل على الدولة التي يقيمون فيها، إسرائيل، رغم حظر حركته واعتبارها خارج القانون ورغم العقوبات المفروضة عليه. ويقول الباحث المحاضر في الشؤون الفلسطينية والحركات الإسلامية في جامعة بار إيلان الجنرال في الاحتياط الدكتور شاؤول بارطال إن الشيخ صلاح يتحرك بدوافع “اللاسامية”.

في مقال نشره مركز ” بيغن- السادات ” للدراسات الإستراتيجية يشير بار طال أن الشيخ رائد صلاح ما زال يشكل خطرا على إسرائيل لأنه ما زال مصدرا لـ” إلهام والتأثير على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر”.

في مقاله المعنون “الشيخ رائد صلاح ومناهضته لإسرائيل” يستعيد الباحث الإسرائيلي الذي شغل مهمات أمنية متنوعة خلال خدمته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة محطات في سيرة ومسيرة رائد صلاح للتدليل على خطورة أفعاله وأقواله. ويشير الى فرض المحكمة المركزية الإسرائيلية في حيفا في الشهر الماضي حكما بالسجن 28 شهرا على الشيخ رائد صلاح بعد إدانته بـ ” تشجيع ودعم أعمال إرهاب قام بها بعض أنصاره من بينهم ثلاثة شبان من مدينته أم الفحم منفذو عملية الأقصى في 14 يوليو/ تموز 2017 وفيها قتل عنصران من الشرطة الإسرائيلية “، مذكّرا أن رائد صلاح الذي يستعد لدخول السجن سبق ودخله عدة مرات في الماضي بعد إدانته بمخالفات أمنية، مرجحا أن حكم المحكمة المركزية الأخير لن يردع “رئيس الحركة الإسلامية المحظورة ” عن مواصلة “تحريض المواطنين العرب في إسرائيل”.

ويعتبر الباحث الإسرائيلي أن الشيخ رائد صلاح يجسّد بمسيرته ومواقفه “مسيرة التطرف ” التي تلازم الكثيرين من المسلمين في إسرائيل”. ويشير الى أن رائد صلاح ولد في أم الفحم عام 1954 وعمل والده وشقيقاه في الشرطة الإسرائيلية. ويتابع “عقب حرب 1967 فتحت فرصة أمام مواطنين عرب شباب للتعلم في كليات شريعة في مدن الضفة الغربية عملت بإيحاء حركة الإخوان المسلمين التي عرفت كيف تقرّب الشباب من معتقداتها وأفكارها.

وكان رائد صلاح وكمال خطيب النواة المؤسسة لهم داخل كلية الشريعة في الخليل التي صارت تعرف بـ “جامعة الخليل” ولاحقا باتت هذا النواة تناصر حركة حماس وكان يدرس هناك مؤسس ذراعها العسكرية صلاح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.

أسرة الجهاد

ويعود الباحث الإسرائيلي للاعتقال الأول للشيخ رائد عام 1981 على خلفية اتهامه بعضوية تنظيم سري عرف بـ “أسرة الجهاد” أقامه مؤسس الحركة الإسلامية في الداخل الشيخ الراحل عبد الله نمر درويش.

ويزعم الباحث الإسرائيلي نفسه أن أعضاء “أسرة الجهاد” ومن بينهم الشيخ كمال خطيب أطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية بقيادة أحمد جبريل عام 1985 لكن الحقيقة أن الشيخ كمال خطيب لم يعتقل وقتها مثلما أن أعضاء التنظيم السري المذكور قضوا محكومياتهم ولم يفرج عنهم ضمن صفقة تبادل.

وتابع في مزاعمه “بعد إطلاق سراحهم بدا كأنهم كانوا ينوون مغادرة “طريق الإرهاب” و “دعم الإرهاب” والتفرغ للعمل السياسي فحسب”. كما يستذكر انتخاب الشيخ رائد صلاح لرئاسة بلدية أم الفحم في الفترة 1989 حتى 2001 وفيها بدأ بصياغة رؤيته، وحسبها على المجتمع الإسلامي في إسرائيل الانقطاع بالكامل عن مؤسساتها السلطوية والامتناع عن المشاركة في انتخابات برلمانها (الكنيست). منوها إلى أن هذه المعارضة قد أدت لانقسام الحركة الإسلامية لشطرين عام 1996 الأول سمي بالشق الجنوبي المؤيد للمشاركة في انتخابات الكنيست، والثاني الشق الشمالي برئاسة رائد صلاح ويعارض ذلك.

كما يشير الى اعتقال رائد صلاح وعدد من قادة الشق الشمالي للحركة في ملف عرف بـ “رهائن الأقصى” عام 2003 وفيه فرض عليهم السجن الفعلي لفترات متفاوتة بعد إدانتهم بتأييد حركة حماس من خلال جمعيات قدمت الدعم المالي لعائلات الشهداء والأسرى. ويضيف “منذ استقالته من بلدية أم الفحم أعرب رائد صلاح عن دعمه عدة مرات لـ “أعمال إرهابية وعنف ضد إسرائيل”.

كما يوجه الباحث الإسرائيلي تهمة اللاسامية للشيخ رائد صلاح منوها لاعتقاله في بريطانيا عام 2012 على خلفية مواقفه وتصريحاته. ويتابع “طالما كانت رسالة رائد صلاح مثابرة: اليهود يتطلعون لهدم المسجد الأقصى والصراع بينهم وبين المسلمين صراع أزلي كما جاء في القرآن الكريم “.

وضمن الحملة عليه يشير شاؤول الى أن الشيخ رائد صلاح يقارن بين النكبة الفلسطينية وبين الكارثة اليهودية، مؤكدا على واجب المسلمين بالدفاع عن الأقصى بكل الوسائل المتاحة. ويضيف “يعتبر الشيخ رائد صلاح كل الـ 144 منطقة “الحرم القدسي” تابعة كلها للمسلمين لا المسجد الأقصى فحسب، أما اليهود بنظره فلديهم خطة واضحة للسيطرة عليه وبناء الهيكل على أنقاضه وأنقاض قبة الصخرة “.

المرابطون والمرابطات

ويورد الباحث تصريحات منسوبة للشيخ رائد صلاح بهذا المعنى منها محاضرة له في مؤتمر تلاميذ “مصاطب العلم ” في 2013 منوها أن منظمة “مصاطب العلم ” أسست جمعية ” المرابطون والمرابطات ” وكلاهما حظر عام 2015.

وقال شاؤول إن بعض نساء القدس أسسن “مرابطون ومرابطات” عام 2010 ومن أبرزهن: هنادي حلواني، وخديجة خويص وسحر النتشة وغيرهن من النساء اللواتي دأبن على مهاجمة رجال الشرطة الإسرائيلية والمصلين اليهود في “جبل الهيكل ( الحرم القدسي الشريف)، زاعما أن هذه النساء حظين بدعم حركات الإخوان المسلمين في العالم العربي خاصة من أنصار حركة حماس وأنهن حظين بدعم مالي من جمعيات إخوانية عن طريق قطر وتركيا ولبنان.

ويشير أيضا الى أن لائحة الاتهام التي وجهت ضد رائد صلاح في 2017 شملت دعواته للجهاد ومدائحه لقتلة الشرطيين الإسرائيليين في عملية الأقصى بنفس العام. ويضيف “حقيقة أن أقوال الشيخ رائد صلاح ليست فلسفة دينية شرعية بل أقوال تقود مباشرة لتنفيذ أعمال تخريبية كما جاء في لائحة الاتهام “.وعلاوة على تصريحات سابقة لمنفذي عملية الأقصى التي أعربوا فيها عن تأييدهم للشيخ رائد صلاح يشير الباحث الإسرائيلي لشهادة علاء الطويل التي قال فيها إنه يرى برائد صلاح قائده قبيل تنفيذ ” عملية تخريبية “. كما يشير إلى دراسة إسرائيلية سابقة زعمت أن معظم “المخربين الفرادى” الذين نفذوا عمليات في 2015-2016 كانوا متماثلين مع حماس أو مع مواقف ” شيخ الأقصى” رائد صلاح كما يتضح من كتاباتهم في صفحاتهم في الفيسبوك.

وضمن محاولته الإشارة لخطورة الشيخ رائد صلاح يقول إن مواقع خاصة بحركة حماس والإخوان المسلمين تشهد عددا كبيرا من المعقبين الذين يمتدحون رائد صلاح ويدعون لجمع التبرعات له ولمساعي الدفاع عن الأقصى تحت عنوان “كلنا رائد صلاح”.

ويخلص الباحث الإسرائيلي اليميني الى القول إن” حركة رائد صلاح حظرت لكن ورغم العقوبات التي أنزلت عليه، يبدو أنه يواصل تحريض المواطنين العرب في إسرائيل عليها رغم عيشهم فيها “.

إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية

يشار الى أن الشيخ رائد صلاح أصدر في الشهر الماضي كتابا جديدا بعنوان “إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا”، استعرض فيه مسيرته ومسيرة الحركة الإسلامية في الداخل حتى حظرها عام 2015 ، وفيه يؤكد أن الحظر جاء لرفضه المشاركة في انتخابات الكنيست ولاعتبار إسرائيل مشاريع دعم القدس والأقصى تهديدا غير محتمل عليها، خاصة أنه يعيد اللحمة بين أبناء الشعب الواحد في طرفي الخط الأخضر وهذا ما تخشاه. وفي الكتاب يتهم صلاح جهات عربية أيضا بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لحظر حركته الإسلامية قبل خمس سنوات ومعها نحو 40 جمعية إسلامية.

رابط الخبر في الموقع العبري

https://cutt.us/V1xVI

الكلمات الدلالية :