قالت منظمات حقوقية إن “إسرائيل اتخذت من فيروس كوفيد-19 المستجد ذريعة لتصعيد انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، بما في ذلك لجوء الشرطة، في ظل حالة الطوارئ السائدة، إلى استهداف الأشخاص، بناء على انتمائهم العرقي عند فرض القيود والغرامات، والمراقبة غير القانونية من قبل المخابرات الإسرائيلية، كأدوات للإخضاع والسيطرة لطالما استخدمتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني على مدى عقود من الزمن”.
وذكرت المنظمات، في بيان مشترك لها، أن “مناسبة يوم الصحة العالمي هذا العام تأتي في ظل انتشار مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد، الذي يجتاح العالم ويؤثر بشكل غير متكافئ على الراضخين تحت نير التمييز والظلم المؤسسي، وبشكل خاص سلط هذا الوباء الضوء على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي (الأبرتهايد) بحق الفلسطينيين”.
وأشارت إلى أن الأبرتهايد، وهو نظام قائم على الهيمنة والسيطرة على أساس عرقي، أدى على مر عقود إلى “الحيلولة دون تطور منظومة الرعاية الصحية في الأرض المحتلة، وتحديدا في قطاع غزة، وحرم الفلسطينيين من حقهم في الرعاية الصحية الجسدية والنفسية”.
وقال البيان: “كما عانت خدمات الرعاية الصحية الفلسطينية في القدس حتى ما قبل هذه الجائحة من سنوات من الإهمال المتعمد ونقص مزمن في التمويل، الأمر الذي أضعف البنى التحتية وقدرة المستشفيات الفلسطينية على الاستجابة لمرض فيروس كوفيد-19. وبالإضافة إلى النقص في مراكز الفحص المخصصة للفلسطينيين في القدس، تمتلك المشافي الفلسطينية 22 جهاز تنفس اصطناعي فقط لما يقارب الـ350 ألف مقدسي، يقطن ثلثهم في مناطق وضواحي تقع خلف جدار الضم والتوسع”.
وتابع: “أما في باقي المناطق، فتواصلت حملات الاعتقال والحجز التعسفي في وقت ترتفع فيه المطالبات في كل العالم بإطلاق سراح المعتقلين والأشخاص المحتجزين دون مسوغ قانوني كاف، بهدف تخفيف حدة التكدس في السجون، بينما لم تتخذ إسرائيل، أية تدابير ملائمة من أجل تحسين خدمات الرعاية الصحية ومتطلبات النظافة الصحية للمعتقلين الفلسطينيين على نحو يتوافق مع توجيهات منظمة الصحة العالمية لمنع انتشار فيروس كوفيد-19 داخل السجون”.
ونوّه إلى أن هناك تقارير تفيد بأن “الشرطة الإسرائيلية ألقت بعاملين فلسطينيين على الأقل، يشتبه بإصابتهما بفيروس كوفيد-19، على أحد الحواجز في الضفة الغربية دون تقديم الرعاية الصحية أو التنسيق مع السلطة الفلسطينية لضمان تقديم الرعاية اللازمة لهما”.
وأشار إلى أن “الفروق الجلية في الخدمات الصحية وحجم الفحوصات الموفرة للفلسطينيين مقارنة بغيرهم، تفاقم من آثار هذه الجائحة، ناهيك عن تقاعس إسرائيل، حتى تاريخ هذا البيان، عن إجراء فحص فيروس كوفيد-19 للعمال الفلسطينيين، الذين يتوقع أن يعود الآلاف منهم إلى الضفة الغربية خلال عطلة الأعياد المرتقبة، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تفشي المرض في حال عدم التزام العمال بالحجر المنزلي”.
وتابع: “لقد سلط فيروس كوفيد-19 الضوء بشكل بارز على الآثار المدمرة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي على الحق في الصحة للشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يلزم فيه القانون الإنساني الدولي دولة إسرائيل، بصفتها قوة الاحتلال، بضمان توفير أكبر قدر ممكن من خدمات الغذاء والرعاية الطبية للفلسطينيين، وضمان الخدمات الطبية والصحة العامة والنظافة في الأرض المحتلة، وتبني التدابير الوقائية اللازمة لمحاربة انتشار الأمراض المعدية”.
واستطرد البيان قائلا: “كما أن إسرائيل مُلزمة بموجب القانون الدولي بضمان حق الفلسطينيين بالتمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة الجسدية والنفسية، بما يتضمنه ذلك من المعايير الرئيسية للصحة، والتي تشمل الحق في مستوى ملائم من الغذاء والماء وخدمات الصرف الصحي والسكن والعمل وصولا إلى إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
وشدّد على أن “نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يظل عقبة رئيسية أمام تمتع كل الفلسطينيين بحقهم في الحصول على أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة”.
وأردف: “بينما يتخذ الفلسطينيون خطوات للوقاية من الجائحة وتخفيف حدة آثارها، تؤكد مؤسساتنا على استمرار الأسباب الجذرية التي تحول دون تمكن الفلسطينيين من التعامل بشكل أفضل مع الجائحة، والمتمثلة في الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى ضرورة معالجة هذه الأسباب الجذرية كي يتمكن الفلسطينيون من ممارسة حقوقهم غير القابلة للتصرف”.
وطالب البيان إسرائيل برفع الإغلاق والحصار المفروض على قطاع غزة وإنهاء احتلالها العسكري طويل الأمد، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الفلسطينيين، المحتجزين بشكل مخالف للقانون الدولي، وصولا إلى تفكيك نظام الفصل العنصري الذي تفرضه على الشعب الفلسطيني ككل.
واختتم بقوله: “بينما تواصل إسرائيل التمتع بسياسة الإفلات من العقاب، فإن المسؤولية تقع على عاتق جميع الدول في تبني تدابير فعالة من أجل ضمان تحقيق العدالة الدولية والمساءلة لصالح الضحايا الفلسطينيين وإنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي”.
ووقّع على البيان كل من: شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والائتلاف الاهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، ومركز العمل المجتمعي (جامعة القدس)، والهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة.