قال الخبير الإسرائيلي شلومي ألدا، إن إعلان صفقة القرن قد يحوّل حالة الإحباط الفلسطينية إلى عمل ميداني على الأرض، ورغم أنهم لا يتحدثون حاليا بمفردات الانتفاضة الجديدة، فإنهم كلما زاد مستوى إحباطهم من صفقة القرن، ازدادت دافعيتهم لتنفيذ العمليات المسلحة، وستأخذ هذه الحالة أبعادا متنامية، كلما ذهبت إسرائيل الى مستوى تطبيق الضم للمستوطنات".
وأضاف ألدار الخبير في الشؤون الفلسطينية بمقاله على موقع المونيتور، أنه "اليوم وبعد إعلان تفاصيل الصفقة بحضور دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، دون الفلسطينيين، فإنهم يرون في ذلك إهانة لهم".
وأشار ألدار، الذي يغطي الأحداث الفلسطينية منذ 20 عاما، ومؤلف كتابي "غزة كالموت" و"اعرف حماس"، إلى أن "تسارع دعوات اليمين الإسرائيلي لترجمة مبادئ الصفقة بصورة فورية لسلوك على الأرض من خلال ضم المستوطنات، وفي المقابل فإن تنامي الغضب الفلسطيني والإحباط في أوساط السلطة الفلسطينية لا يعطينا بشائر طيبة".
ونقل عن مسؤول أمني إسرائيلي سابق أنه "طوال سنوات خبرتي في الساحة الفلسطينية كان هناك تناسب طردي بين تنامي الشعور باليأس والإحباط من جهة، وزيادة معدل الهجمات الفلسطينية من جهة أخرى، ويكون ذلك بصورة مباشرة على الفور، هذه معادلة لا يختلف عليها اثنان في المنظومة الأمنية الإسرائيلية".
وأضاف أن "اتفاق السلام مع مصر، وزيارة السادات إلى اسرائيل تمت فقط عقب حرب أكتوبر 1973، ومحو الشعور بالهزيمة الذي لحق بالمصريين عقب حرب حزيران 1967، اليوم في حالة صفقة القرن يظهر ترامب كأنه يعقد صفقات بطريقة ضارة، يواصل ضغوطه على الجانب الفلسطيني دون أن يعطيه مقابلا، هذا يعبر عن نقص في فهم الصورة الكاملة للصراع القائم".
وأشار إلى أنه "حين يتم العمل على عملية سياسية معقدة كالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فإن إهانة الفلسطينيين أمر ضار، وليس مفيدا، الكرامة الوطنية لها دور كبير بإدارة الصراع، وليس فقط في الشرق الأوسط، ولذلك جاء حديث ترامب عن تقليص مساعداته للفلسطينيين، وحين يقبلون بالصفقة، سيتم إعادتها إليهم، ما يؤكد أن الحياة لن تمر بسهولة على إسرائيل، إن قامت بضم مناطق فلسطينية بصورة أحادية الجانب".
وأكد أنه "في المشهد الآخر من الصورة، ومقابل اللقاءات الاحتفالية لترامب مع بنيامين نتنياهو وبيني غانتس في البيت الأبيض، دعت الفصائل الفلسطينية، بما فيها فتح، إلى تظاهرات شعبية عارمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأعلنت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة عن تجدد محتمل لها قريبا، وهذه الدعوات تعتبرها إسرائيل ضوءا أخضر لاستئناف العنف والتصعيد".
وأشار إلى أن "نقطة أخرى قد تنشأ عقب إعلان الصفقة اليوم تتعلق بإمكانية وحدة قطاع غزة مع الضفة الغربية، رغم أن الوضع القائم لهما من انقسام يريح إسرائيل كثيرا، لكن الغريب أن صفقة ترامب تعتبر السلطة الفلسطينية إشكالية، ويجب عليها القبول بالصفقة، لكنها في المقابل تتجاهل حماس والجهاد الإسلامي، ولا تراهما قائمتين، رغم ما لديهما من التأثير الكبير على كل ما يحصل في الساحة الفلسطينية".
وختم بالقول إن "صفقة القرن ليس أنها غير قابلة للتطبيق، أو ليست واقعية فقط، بل إنها تضر كثيرا بالمصالح الإسرائيلية، صحيح أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية لن تفسد فرحة السياسيين بالصفقة، واعتبارها حدثا تاريخيا، وتحقيقا لحلم، وأتت على طبق من ذهب، وكل هذه الشعارات، لكن في اللحظة التي يترجم فيها الفلسطينيون إحباطهم لعمليات وهجمات ضد إسرائيل، فإن أحدا من كبار ضباط الأمن الإسرائيليين لن يتفاجأ!".