الاربعاء 11 ديسمبر 2019 20:25 م بتوقيت القدس
قال مدير عام مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة (بتسيلم) حجاي العاد، إن اسرائيل وأجهزتها التنفيذية و"الأمنية" تحترف التضليل وطمس الحقائق والتورية والكذب، ليفلت المتورّطون من العقاب ويحرم الضحايا من حقّهم في التعويض.
وأوضح العاد في بيان أصدرته "بتسيلم" لمناسبة الذكرى الـ30 لإنشاء المركز، اليوم الأربعاء، أن "وظيفة جهاز تطبيق القانون العسكريّ، التحقيق في أحداث عينيّة، والتركيز على المسؤولين في المناصب الدّنيا وشبهة التصرّف خلافًا للأوامر، ما يعني أن الجهاز لا يفحص مدى قانونيّة التعليمات التي صدرت للجنود، ولا يحقّق مع من صاغوا الأوامر ومن صادقوا عليها ولا ينظر في مسؤوليّة من وضعوا السّياسة، وحيث إنه لا يوجد جهاز آخر يحقّق، يصبح جميع المسؤولين عن هذه الأوامر معفيّين سلفًا من المسؤوليّة".
وقال "على مدار ثلاثين عاما من العمل منذ انطلاقة المركز، تعلّمنا أنّه لا توجد ضحيّة فلسطينيّة يعجز جهاز الطمس الإسرائيليّ عن طمس الجريمة بحقها بموهبة فذّة، وكنا كلما باشرنا التحقيق في قضية، لم نعثر على الملفّ، فالفاعل مجهول".
وتابع: "يكاد لا يوجد جانب واحد في حياة الفلسطينيّين لا تخضغه اسرائيل بشكل تعسفي لأوامرها، وتعلّمنا أنّ الهندسة الديمغرافيّة للحيّز يمكن أن تكون سياسة حكوميّة رسميّة، وأنّ الفلسطينيّ قد يخلد إلى النّوم ليلًا وينهض صباحًا ليجد جدارا قد نصب بينه وبين مدينته، وقد يفتح عينيه على جنود يقفون وسط غرفة نومه ثمّ يأمرونه أن يوقظ أطفاله من نومهم، وأنّ الفلسطينية قد تستيقظ من نومها على صواريخ إسرائيليّة تسحق منزلها وأسرتها".
ولفت العاد "تعلّمنا أنّ العالم لن يوقف اسرائيل عمّا تفعله إذا فعلت ذلك بما يكفي من التدرّج، وإذا تذرعت بالأمن وبمعاداة الساميّة، لكن هناك أمورا أخرى تعلّمناها وهي أنّ الفلسطينيين متشبثون بالحياة ومتمسكون بالأرض، وأنّ توقنا الإنسانيّ للعدالة لم ولن يخبو حتّى بعد إدراك انعدام فرص تحقيقها، وأنّ اسرائيل تستطيع محاولة طمس الحقائق وإسكات النّقد، لكن الصحوة والاعتراف بالواقع آتيان لا محالة، وأن اليوم الذي سيدرك فيه العالم بأن الاحتلال لا يمكن إزالته بتوجيه المناشدات المهذبة إلى المحتل وإنما بالعزم والخطوات الدوليّة الحاسمة قادم لا محالة".
وقال "تعلمنا أنه يمكن مليون مرّة القول إنّ هذه الأراضي ليست محتلة، وإن المستوطنات شرعية، وإن غزة ليست محاصرة، وإنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني، لكن الشرب من بئر الأكاذيب هذه لا يغيّر الواقع".
وتابع: "آلاف الضحايا وثقت بتسيلم جرائم قتلهم، آلاف الملفّات بأسماء القتلى والجرحى والاعتداء بالضرب والتنكيل، جميعها مطموسة جيّدًا على يد أجهزة الدّولة الاسرائيلية، أجهزة مطيعة ومدرّبة جيّدًا للقيام بهذه المهمّة".
وبين أن "سياسة اسرائيل بخصوص المساءلة والمحاسبة تختلف جوهريًّا، والهدف منها إبقاء الدّولة ومن يعملون نيابة عنها بمنأى عن دفع أيّ ثمن لقاء العُنف الذي مارسوه، ومع ذلك لا تعترف اسرائيل أنّ هذا هو نهجها، بل تزعم أنّها تتصرّف وفقًا لأحكام القانون الدوليّ".
ويبيّن فحص أداء "جهاز تطبيق القانون العسكريّ"، وفقا لبيان "بتسيلم"، أنّ الجهاز "يفشل حتى في تنفيذ المهمّة المحدودة التي أنيطت به، وفي كثير من الحالات تقرّر النيابة العسكريّة عدم فتح تحقيق جنائيّ وتعلّل قرارها أحيانًا بـعدم وقوع المخالفة، بحجة أن قتل الفلسطينيين جرى ضمن عمليات قتاليّة، ما يمنح الجنود إعفاءً من التحقيقات الجنائيّة، وفي حال باشرت وحدة التحقيقات في الشرطة العسكريّة التحقيق فإنّها تديره بشكل سطحيّ ودون أيّ سعيٍ جدّيّ لسَبر غور الحقيقة".
وأوضحت "بتسيلم" في بيانها، أن "الفلسطيني لا يمكنه تقديم شكوى أو شهادة أمام الجهاز المذكور، كما تدوم معالجة كلّ شكوى لأشهر طويلة وحتى سنوات، وخلالها يكون الجنود المشتكى عليهم قد سُرّحوا من الخدمة ولا يسري عليهم القانون العسكري".
وقالت إن "المؤسسة قدمت منذ عام 2000 إلى عام 2015، 739 حالة وقع فيها فلسطينيون من سكّان المناطق المحتلّة ضحايا انتهاكات ارتكبها عناصر قوّات الأمن، وفي رُبع من هذه الحالات لم تفتح النيابة العسكريّة ملفّ تحقيق أصلًا. وفي نصفها تقريبًا أغلق ملفّ التحقيق دون التوصّل إلى شيء، وفقط في 25 حالة تمّ تقديم لوائح اتّهام ضدّ الجنود المتورّطين في مخالفات هامشية".