سَلام مِني لكَ فَقيد قَلبِي .. سَلام لِروح عَانقَت ألمَوت وغَفَت بِلَحائِف مِن تُراب ..

ها قَد مَروا أربعِون يَوماً ، أربعون ألف وجَع وأربعون ألف دَمعَه .. أتعلَم يا مُهجَة ألقلب وألروح ، أتعلَم يا أبي ! أشعُر وكأن لَم تَمُر حَتى أربعونَ ثآنيه ! ما زالَ مرأى أنفاسَك ألأخيره يَجول في خَاطرِي وحتى الآن مَوجات قَلبِي تَعلو وتتسَارع ، ما زالَت كُربَة قَلبِي تَحرقني ، تلهِبني وتُسعرني ، ظَلَّت وستظَل غَصة ألهجر وألجَفا تَنحَت جَوفِي ، يا قُرة ألعَين يا نور دَربِي ، أأنت حَولي ؟ أيُمكنكَ إخماد نارِي ؟ أو إسكَان لَهيب صَدري ؟ أتسمَعنِي أبي ؟ وَالهِي إني إشتقتُ لكَ ..

إشتقتُ لأعظَم مَن كانَ في حَياتي ، مَن لَم يَغزوه ألشَيب ولَم تتجعَد يَداه .. إشتقتُ لِصباح يَبدأ بِوجهكَ ، بصَوتكَ وإبتسامتكَ ، إشتقتُ لتَقبيل جَبينكَ .. لِأضيق ألاماكِن إتساعاً ، حُضنكَ .. إشتقتُ أن أكون مُدللتكَ ومُرفهتكَ .. إشتقتُ لتَلخيص يَومِي لكَ ، لِمناقشَة أحلامِي معَك ..

رَحيلكَ يا أبي كان مُراً وقاسِياً ، أبكيكَ دَوماً وما زِلت أنتظِر عَودتكَ ولٰكِن أحد ألعَابرين أخبرنِي أن ألراحِل لَن يَعود مُجدداً ، فأصبَح حلمِي عَقيمَاً ، لا بأس فإني مَع ذٰلكَ أحبكَ بِحجم إستحالَة عَودتكِ ..

أعلَم جيداً أن المَوت حَق وأعلَم أنني سأفنَى ذاتَ يَوم ، وتَقبلتُ أنك لَن تَعود أبداً ، لٰكنِي حقاً إشتقت لكَ ..

يَنام كُل شيءٍ في داخلِي إلا ألحَنين لكَ ، أنتَ أديبِي ومُؤدِبي ، مُعلمِي ومُلقِنِي ، لا شَيء يُتعبني كلحظَه أحتاجكَ وأحن فِيها إليكَ ولا أجدكَ يا ضِياء طَريقِي ..

أبي ، إني أخجَل مِن ألعَيش في هٰذا المُستقَر ، مِن زَمان كان عَلينا أن نَرمِي ألحجاره فيهِ ، أصبحنا نَرمِي ألرصاص .. أ

إليكَ أنت يا قاتِل أبي أللَعين ،
إلى مَن سرقَ مُستودع إبتساماتِي ،
إلى ذَليل ألنفس وقَاسِي ألقلب ،
إليكَ هذه ألصفعَات ، لعَلها تَنفع
بِقَدر مَا يَحملهُ قَلبي مِن أسى وبِقدر ما ذَرفت عَيناي مِن دُموع رِثاء لأبي الذي فَقدت الأمل مِن عودته إلينَا وتيَقنتُ بأنَي لَن أسمع صَوته فِي فَناء الدار أبداً ، فَأركُض لِأسرُق مِنه قُبله أو عِناق .. بِقدر كُل هٰذا أقول ، مَوعدُنا ألقِيامه !

لا أدرِي إن كان لكَ قلب أم انتَ بِلا قَلب ، إن كانَ لكَ ضَمير او أنتَ وحشٔ لا ضَمير لكَ !

كَيف سَمحت لكَ نَفسك ألمريضَه خَطف هٰذا ألكتف ؟ ألم يُخبروك أن رَوحِي مُعلقه بهِ ؟ ألم يُخبروك أن أديبي رَجل طيب يُحب ألناس ؟ ألم يُحذروك مِن آهاتِي ؟ مَا قولك أمام مالِك المُلك والقادِر على كُل شيء ؟ ما هِي حِجَّتكَ بِما إقترفته يَدكِ أيها ألمُجرِم ؟ ستُردد هٰذا في خلد إحساسكَ فإن لم تتخشَع تذَكر أن الله حَي لا يَموت وروح أبي تَنتظِرك هُناك في ألبُرزخ لِتقتص مِنك ..
يَكفيكَ بُؤساً وتعاسةً بأنك جَعلت رَوح خَلقها عز وجَل تَغترِب وتَرحَل ، أنتَ قَرين ألشيطان ، لن أسامحكَ بِحَقي وحَق أبي ، حَرمتنِي منه ، أبعدتني عَن حنَانهِ وجَلبتَ لي أليُتم .. لَن أسامحكَ أمام عَدالة ألسَماء ، سأفسِد عليكَ آخرتكَ كَما أفسدتَ علَّي دُنياي ، مَوعدنا ألقيامه !

أبي حَبيبي ، أفقتَقِدكَ جِداً ، ولِيَجبُر الله غَصة إفتِقادِي .. قَد أسَكنتَك أعلَى مَراتِب قَلبي ، أسأل الله أن يُسكنكَ أعلى مراتِب جَنتهِ وأن يَجعَل قَبركَ نوراً وضِياء ويَحشُركِ الله مَع ألصالحِين والأبرار ..
سَلاماً على تِلكَ ألعَينين ألغارقَتين فِي نومٍ عَميق وقَلباً لم يَعُد يَنبُض بِالحَياة ، سَلاماً على قَبركَ وجَسدكِ ألذي إمتلأ بِطُهر الأرض ..
لِترقُد بِسلام أبي ألغالي

الكلمات الدلالية :