السبت 05 اكتوبر 2019 12:30 م بتوقيت القدس
للمرة الثانية على التوالي تقوم المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيلي بالتستر على تقرير فريق التحقيق الذي يسجل كافة أسماء الشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية وتسويق منتجاتها، كما جاء في قرار لمجلس حقوق الإنسان 31/36 لعام 2016.
وكانت باشيلي بررت في خطاب أرسل إلى رئيس المجلس السفير كولي سيك، من السنغال في مارس/آذار الماضي أن تأخير إصدار قائمة الشركات لأسباب تتعلق بـ”التعقيد” و”حداثة” المهمة، لافتة إلى أنها ملتزمة بالوفاء بأوامر المجلس، ولكن هناك حاجة إلى “مزيد من الدراسة”.
وأضافت باشيلي أن المكتب الذي أشرفت عليه منذ سبتمبر/ أيلول لديه “وجهة نظر لوضع اللمسات الأخيرة على هذا النشاط الإلزامي في الأشهر المقبلة”، لكن رسالتها لم تقدم إطارًا زمنيًا أكثر تحديدًا.
وكان مجلس حقوق الإنسان تلقى تقريرًا عام 2016 قبل مغادرة المفوض السامي السابق زيد بن رعد الحسين، جاء فيه أن 206 شركات، معظمها إسرائيلية وأمريكية، تلقت مذكرات لمراجعة ممارساتها التجارية المتعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية دون أن يحدد التقرير أسماء الشركات بالاسم.
ووصفت الولايات المتحدة قرار المجلس حينذاك بأنه “رمز لانحياز المجلس ضد إسرائيل”، وتعللت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بهذا التحيز المزعوم سببًا رئيسًا لانسحاب الولايات المتحدة من المجلس عام 2018.
وأعربت منظمات حقوقية وإنسانية على رأسها “العفو الدولية” و”هيومان رايتس ووتش” و”الحق” عن قلقها المتزايد وخيبة أملها في المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيلي، لأنها “لم تحوٌل إلى مجلس حقوق الإنسان في جلسته 42، قاعدة بيانات جميع الشركات العاملة في أنشطة مدرجة في قائمة المشاريع الإسرائيلية غير القانونية للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس حقوق الإنسان 31/36 (2016)، وتنفيذ ما دعا المجلس إليه في تقديم البيانات بشكل دوري للمجلس”.
وأشارت في بيان مشترك إلى أن التأخيرات المتكررة والمفتوحة وغير المبررة، ليس لها سابقة في التعامل مع الولايات (الإنتدابات) السابقة من قبل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وتناقض ما تعهدت به المفوضة (باشيليه) نفسها خطيًا في آذار 2019، حين كتبت إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان، متعهدةً بالوفاء بكشف بيانات الشركات العاملة في المستوطنات (وأسمائها وكل ما يخص هذه الشركات) في الأشهر المقبلة.
وأضافت أن قرارها (باشيليه) بعدم القيام بذلك في دورة المجلس بأيلول الماضي، يعني أن المجلس لن تتاح له فرصة عملية للنظر في تنفيذ القرار قبل دورته القادمة في آذار 2020، أي بعد عام كامل من التزام المفوضة السامية.
يشار إلى أن رئيسة تشيلي السابقة (باشيليه) تعرضت وتتعرض لضغوط أمريكية وأوروبية غربية وإسرائيلية كي لا تنشر هذه البيانات، علمًا أنها نشرت على الفور بيانات مشابهة عن ميانمار فور اتخاذ مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قرارًا بذلك.
بدوره، عبر رئيس حقوق الانسان بمنظمة “هيومان رايتس” كينيث روث في تغريدة له على “تويتر”، عن استيائه من تأخر باشيلي في نشر البيانات، قائلًا: “نحن نعلم أن مفوضة حقوق الإنسان تتعرض لضغوط لعدم نشر قاعدة البيانات الخاصة بالشركات التي تتعامل مع المستوطنات غير القانونية، لكن وظيفتها (باشيليه) هي مقاومة هذا الضغط وإظهار استقلالها، لقد انتظرنا مدة عام”.
وأضاف البيان المشترك أن فشل المفوضية حتى الآن في الوفاء بالولاية (الانتداب) والتعهد، التي تنص صراحة على نقل البيانات التي تم جمعها (عن هوية الشركات الإسرائيلية وغيرها من الشركات العاملة في المستوطنات) يشكل مصدر قلق بالغ، لا سيما في ضوء التقارير المستمرة عن التدخل السياسي من جانب بعض الدول في تنفيذ هذا القرار” في إشارة للولايات المتحدة الأميركية.
وأشارت المنظمات في بيانها إلى أن المفوضة السامية لم تُقدم أي أسباب أو تفسيرات جوهرية (تتفق مع استقلالية مكتبها) للتأخير الطويل في الوفاء بالانتداب المسند إليها، “حيث كان لدى مفوضية حقوق الإنسان متسع من الوقت لاستكمال جميع الاستعدادات اللازمة لإصدار قاعدة البيانات، بما في ذلك شركات الاتصال من أجل حماية ودعم حقوق الإنسان للفلسطينيين وسلامة المفوضية”.
وأضافت “من الضروري أن تقوم المفوضة السامية فورًا بنشر قاعدة البيانات وإرسالها إلى المجلس، بما في ذلك أسماء جميع الشركات المدرجة، والالتزام بتحديثها سنويًا، ولذلك ينبغي أن تفسر باشيليه علنًا، وبما يتماشى مع استقلالية مكتبها، لماذا لم تنفذ حتى الآن الانتداب الموكل إليها”.
يشار إلى أنه ومنذ إنشاء قاعدة البيانات (التي تضم أسماء الشركات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات) في عام 2016، صعدت “إسرائيل” بدعم أميركي من بناء المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، حيث وافقت في أيلول الماضي على شرعنة مستوطنة “ميفوت يريخو” بالقرب من أريحا، بعد أيام قليلة فقط من تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم وادي الأردن في حال انتخابه (يوم 10 أيلول الماضي).