الاحد 28 يوليو 2019 22:10 م بتوقيت القدس
اعتبرت إيران، اليوم الأحد، أن الدعوة إلى إرسال مهمة بحرية أوروبية إلى الخليج أمرًا "استفزازيًا"، وسط توتر متصاعد في المنطقة الإستراتيجية، فيما أعلن الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، أن بلاده "لن تسمح لأميركا وبريطانيا بفرض سيطرتهما على مضيق هرمز"، مؤكدًا "أنهما تشعلان النار في المنطقة والخليج".
وكان وزير الخارجية البريطاني السابق، جيريمي هانت، دعا بإلحاح، الإثنين الماضي، إلى إرسال "مهمة حماية بحرية يقودها الأوروبيون" في الخليج وذلك بعد احتجاز إيران ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) عن المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، قوله "سمعنا أنهم يريدون إرسال أسطول أوروبي إلى الخليج الفارسي"، منددًا بـ"الرسالة العدائية" وبالخطوة "الاستفزازية" التي "ستفاقم التوتر"؛ فيما لم يشر ربيعي مباشرةً إلى تصريح هانت.
وكرر موقف إيران لجهة وجوب الحفاظ على أمن الخليج من قبل دول هذه المنطقة الغنية بالنفط، وأكد ربيعي "نحن أهم من يمكنه توفير أمن للملاحة في الخليج الفارسي".
من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن مهمة أجنبية ستكون "السبب الأساسي" في توتر الأوضاع، وقال روحاني، في وقت سابق اليوم، بعد لقاء مع وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي بن عبدالله، إن "تواجد القوات الأجنبية لا يدعم أمن المنطقة بل يعد أيضا السبب الأساسي للتوتر فيها".
بدوره، أعلن المسؤول العماني أنّ "أي خطأ أو أي قرار يساء تقديره، من شأنه عرقلة الملاحة في المياه الدولية وأن يؤثر سلبًا على الجميع"، وقال إنّ بلاده ليست وسيطًا في الأزمة، ولكنّها "قلقة" بشأن أمن مضيق هرمز، و"على تواصل مع جميع الأطراف". وأضاف أنّ "كل طرف عبّر عن رغبته بالتغلب على الأزمة والحفاظ على الاستقرار".
وبحسب وكالة "فارس" الإيرانية، قال رضائي لدى استقباله مسؤول العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، سونغ تائو، إن "اندلاع أي حرب في المنطقة سيضر بالاقتصاد والأمن والسلام في العالم"، مشيرًا إلى أن "إيران لا تسعى للحرب، لكننا سندافع عن أنفسنا".
واتهم المتحدث الإيراني بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بالسعي إلى "السيطرة على أمن مضيق هرمز وحركة السفن فيه"، مشددًا على أن بلاده "لن تسمح بذلك وأنها تريد الحفاظ على حرية الملاحة البحرية".
وفي مقابلة نشرت الجمعة، قالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، إن باريس وبرلين ولندن تعتزم "تنسيق" إمكاناتها و"تقاسم المعلومات" بينها من أجل تعزيز أمن الملاحة، لكن بدون نشر تعزيزات عسكرية إضافية. وشددت بارلي "لا نريد المشاركة في قوة يمكن النظر اليها كقوة تفاقم التوتر".
وكان الجيش الأميركي قد أعلن أنه يراقب مضيق هرمز أصلًا ويعمل على تطوير "مبادرة بحرية متعددة الجنسية" تحت اسم "عملية سانتينيل"، من أجل رفع مستوى الرقابة والأمن في الممرات البحرية الأساسية في الشرق الأوسط.
وارتفعت حدة التوتر في منطقة الخليج منذ انسحاب الولايات المتحدة في أيار/ مايو 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة واشنطن فرض عقوبات اقتصادية شديدة القسوة على إيران.
وتصاعد التوتر في الأسابيع الأخيرة، بالتزامن مع هجمات استهدفت ناقلات نفط في الخليج، نسبتها واشنطن إلى طهران التي نفت ذلك. وفي 19 تموز/ يوليو الجاري، احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها من 23 بحارا.
واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل تموز/ يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق. وقال روحاني أيضًا إن "الحوادث المؤسفة والتوتر الحالي في المنطقة سببه أساسًا الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي الإيراني) والتصورات الواهمة لإدارتها".
وأضاف، بحسب وكالة "إسنا"، أن "إيران تعارض تمامًا أي نشاط غير قانوني وأي عمل مستهجن يهدد أمن الملاحة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر عمان".
جونسون يؤيد مبادرة هانت.. نحو مزيد من التوتر
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية، اليوم، أن رئيس الوزراء الجديد، بوريس جونسون، يؤيد مبادرة هانت، بشأن تشكيل بعثة أوروبية مشتركة لتأمين الملاحة في الخليج من "تهديدات إيران".
وأضافت أن قرار جونسون، لدى توليه الحكم، إقالة هانت، منافسه في السباق على رئاسة الحكومة، أثار تساؤلات بشأن مدى التزام الحكومة بمبادرة هانت.
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى (لم تسمّها) إن "جونسون أبدى حتى الآن رضاه عن المبادرة، وتلقى المسؤولون أوامر (منه) بالاستمرار في تطبيقها".
وتابعت أن بريطانيا تجري مشاورات "بناءة" مع دول، منها: سلطنة عمان، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، فنلندا، إسبانيا والدنمارك بشأن أزمة احتجاز إيران للناقلة البريطانية "ستينا إمبيرو" في مضيق هرمز، لكن لم تظهر بعد مؤشرات على توافق بشأن خطة محددة.
إيران تحذر الأوروبيين من عرقلة تصديرها للنفط والحوار يتواصل
وفي هذا السياق، حذرت إيران الأوروبيين، اليوم، من وضع أي عقبات أمام صادراتها النفطية، معتبرةً أن ازدياد الحوادث في هذا الإطار يقوّض الجهود القائمة لإنقاذ الاتفاق النووي المهدد بسبب الانسحاب الأميركي منه.
وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في ختام اجتماع في فيينا حضره ممثلون لفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، أنّ "أي عقبات أمام سبل تصدير إيران لنفطها ستتعارض مع خطة العمل المشتركة"، في إشارة إلى الاتفاق النووي.
وأشار الدبلوماسي الإيراني بشكل صريح إلى احتجاز ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق بداية تموز/ يوليو، والذي أدى إلى تدهور إضافي في ظل تصاعد التوترات في الخليج.
وكان عراقجي قال قبل اجتماع فيينا إنّ "تطورات مثل احتجاز ناقلة النفط الإيرانية (...) تشكّل انتهاكاً" للاتفاق. وأضاف "ينبغي على الدول الأعضاء في الاتفاق ألا تخلق عقبات أمام صادرات النفط الإيرانية".
وقال عراقجي إنّ مباحثات فيينا جرت الأحد في ظل جو "بناء"، ولفت إلى أنّ كل الأعضاء الذين لا يزالون ضمن الاتفاق النووي "لا يزال مصممين" على إنقاذه.
من جانبه أعلن ممثل الصين أنّ المباحثات اتصفت بـ"توترات"، ولكنها جرت في "جو جيد".
وأشار عباس عراقجي إلى أنّ جميع الأطراف اتفقت على مواصلة الجهود لإيجاد "حلول عملية" بغية السماح لإيران بمواصلة النشاطات التجارية مع بقية العالم.
وكشف أنّ آلية "إنستكس" الأوروبية للمقايضة التجارية مع إيران، بغية الالتفاف على العقوبات الأميركية من خلال تفادي استخدام الدولار، "لم تعمل بعد، ولكن يجري حاليًا وضع اللمسات الأخيرة عليها".
وبدأت طهران، في أيار/ مايو الماضي، تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي متعدد الأطراف الموقع عام 2015، وأقدمت طهران على تلك الخطوة مع مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق، وإعادة فرض عقوبات مشددة على إيران، بينما كان ينص الاتفاق على فرض قيود على برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ويرى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن اتفاق 2015 غير كافٍ لردع طموحات إيران، ويأمل في إجبارها على إعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي.