السبت 20 يوليو 2019 09:34 م بتوقيت القدس
رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية اليوم الجمعة أنّ الحرب السعودية في اليمن والتي تحمل توقيع ولي العهد محمد بن سلمان وصلت إلى طريق مسدود، وتحوّلت إلى مستنقع بن سلمان، وفق ما نقلت عن دبلوماسيين ومحلّلين، قالوا إنّ الانسحاب الحادّ لحليفه الرئيس الإمارات يثير أسئلة حول قدرة السعودية على قيادة الحرب بمفردها.
وتابعت الصحيفة أنّه منذ بداية التدخل السعودي في اليمن، كانت الحرب، حرب بن سلمان. ولفتت إلى أنّ الأمير السعودي، الذي كان وزيراً للدفاع في حينها، ويبلغ 29 عاماً، شوهد في صور رسمية محاطاً بجنرالات يدقّق في الخرائط، يتفحّص طائرة هليكوبتر، ويرتدي سماعة الطيار أثناء وجوده على متن طائرة عسكرية.
ومتسلّحاً بالتعليقات المشدّدة للمسؤولين في إدارة ترمب، يأمل بن سلمان في أن تساعد واشنطن في تعويض انسحاب الإمارات بدعم عسكري أميركي جديد، وذلك وفق دبلوماسيين على اطلاع على المحادثات. إلا أنّ معارضة الكونغرس للحرب تجعل هذا الأمر مستبعداً، ما يترك السعودية أمام بعض الخيارات المتواضعة.
وتنقل الصحيفة الأميركية عن المحلّلة في معهد دول الخليج العربية، كريستين سميث ديوان، قولها: "الأمر يؤلمه لأنّه يضرّ بمصداقيته كقائد ناجح"، مضيفة أنّه لا يوجد الكثير من المواطنين في السعودية الذين يشعرون بأنّ ما يحصل استثمار حكيم للمستقبل.
وتقول الصحيفة نفسها إنّ "الضباط الإماراتيّين، والأسلحة والمال، لعبوا، بالقدر عينه، خلف الكواليس، دوراً مهماً في تماسك تحالف متشعب من المليشيات اليمنية التي تتبادل العداء، والتي بدأت بالفعل تتصارع من أجل ملء فراغ السلطة الذي خلّفه الإماراتيون. ويقول المحلّلون إنّه، نتيجة لذلك، يجعل الانسحاب الإماراتي، احتمال الانتصار العسكري السعودي، أكثر بعداً".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مايكل نايتس طرحه في تقرير هذا الأسبوع أنّه يمكن للسعودية منع السلام من الانهيار واستنزاف الحوثيين على جبهة شمالية لا تنتهي، لكن كانت لدى الإمارات فقط، القوة العسكرية والقوات الحليفة المحلية، التي تمثّل تهديداً حقيقياً بإمكانه هزيمة الحوثيين.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه لا يمكن للسعوديين الانسحاب بسهولة من اليمن، بسبب حدود المملكة معه، والتي يبلغ طولها ألفا ومائة ميل، مضيفة أنّ الوتيرة المتصاعدة لهجمات الحوثيين على السعودية تجعل من الصعب عليها الانسحاب. وتقول إنّه حتّى ولو أوقف الحوثيون هجماتهم، كما تجادل السعودية، إلا أنّهم قد يشكلون تهديداً أكبر إذا سُمح لهم بتشديد قبضتهم على اليمن.
ويقول رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فارع المسلمي إنّه ليس لدى السعوديين رفاهية الخروج من اليمن، "لا توجد وسيلة للفرار".
ويأمل دبلوماسيون غربيون وآخرون من الأمم المتحدة، في أن يدفع الانسحاب الإماراتي ببن سلمان إلى التفاوض بشأن اتفاق مع الحوثيين، كأن يبادل إنهاء الحملة الجوية التي تقودها السعودية، ببعض إجراءات الأمن على طول الحدود. لكنّ دبلوماسيين ومحللين يقولون إنّ بن سلمان عزّز سلطته كولي عهد وحاكم فعلي في عهد والده، الملك سلمان، ويواجه ضغطاً محلياً خجولاً من أجل إنهاء الحرب في اليمن.
وتشير "نيويورك تايمز"، إلى أنّه يبدو أنّ ولي العهد قمع أي معارضة داخل العائلة الملكية، في حين يسيطر الديوان الملكي على وسائل الإعلام، في ظلّ وجود تقارير عن إصابات في صفوف القوات الجوية السعودية.
ويرى السفير الأميركي السابق لدى الرياض جوزيف ويستفال، والذي خدم في الرياض منذ بداية التدخل في اليمن وحتّى عام 2017، أنّ أحد الأسباب التي لم تؤدِّ إلى مزيد من المعارضة في الداخل، هو أنّ الخوف من النفوذ الإيراني لا يقتصر فقط على العائلة الملكية، إذ لدى السعوديين شعور قوي بأنّهم معرضون للتهديد.
وترى الصحيفة أنّ الانسحاب الإماراتي أضعف بقوة قدرة السعوديين على التفاوض، ما رفع التكلفة المحتملة لبن سلمان في أي مفاوضات لإنهاء هجمات الحوثيين. وأشارت إلى أنّ السعوديين يأملون في مشاركة أكبر للاستخبارات الأميركية، على الأقل، وربما نشر فرق من القوات الخاصة أو مستشارين عسكريّين، وفق ما قاله دبلوماسيون.
ويتزامن ما كتبته "نيويورك تايمز" مع إعلان المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي أنّ الوقت حان لأن تضع الحرب في اليمن أوزارها، وإنهاء حقبة الحوثيين.
ودافع المعلمي بشدة عن موقف بلاده إزاء الانتقادات التي وجهها في وقت سابق الخميس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك، بشأن تأخرها في الوفاء بمساعدات مالية لليمن.
وقال لوكوك، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، إن "جيران اليمن في التحالف (في إشارة إلى السعودية والإمارات)، لم يدفعوا حتى الآن سوى نسبة متواضعة مما وعدوا به من مساعدات مالية لليمن قطعوها على أنفسهم في جنيف في فبراير/شباط الماضي". ورد المعلمي، قائلاً إن "السعودية قدمت هذا العام أكثر من 400 مليون دولار لتكون أكبر دولة مانحة لليمن".