ضعف الإقبال على القراءة وغياب المكتبات العامة في قطاع غزة دفعا الأكاديمي الفلسطيني عبد الحميد الفراني، لتحويل مكتبته المنزلية الخاصة إلى مكتبة عامة تخدم سكان منطقته، عبر استئجار مكان يعرض فيه الكتب التي جمعها على مدار سنوات طويلة.
ولم يرضخ الفراني لحالة الاستغراب والاستهجان التي تعرض لها خلال فترة تجهيزه لإطلاق المكتبة العامة، التي جاءت تحت اسم “اقرأ تؤجر… القراءة للجميع”، وتحمل الأعباء المالية الخاصة بتوفير المكان وتجهيزه لخدمة مرتاديه على نفقته الخاصة.
وتضم المكتبة أكثر من ألفي كتاب في مجالات ثقافية وتاريخية ودينية ومعرفية منوعة، فضلاً عن مكتبة إلكترونية محوسبة عمل الفراني على توفيرها لمرتادي مكتبته من أجل خدمتهم سواء للأشخاص الذين يطالعون الكتب أو الباحثين.
ويقول الفراني في تصريحات صحفية إن فكرته ارتكزت على تحويل مكتبته الخاصة في المنزل إلى مكتبة عامة تخدم سكان المنطقة التي يقطن بها شمالي مدينة غزة، خصوصاً أنه جمع أكثر من ألفي كتاب على مدار ما يزيد عن عشرين عاماً.
ويوضح الأكاديمي والباحث في التاريخ الإسلامي أن دافعه الرئيسي وراء افتتاح هذه المكتبة هو نشر المعرفة والعلم بين الناس وتعزيز ثقافة القراءة، على الأقل في محيط منطقته التي يعيش بها، على أمل أن تجرى توسعتها مستقبلاً.
ويطمح الفراني إلى أن يعيد الاعتبار للكتاب الورقي، وأن يبرز أهميته بعد أن سيطرت الأجهزة الإلكترونية والحواسيب ومواقع التواصل الاجتماعي على حياة الناس، وأن يساهم في تعزيز المعرفة والثقافة العامة في صفوف المجتمع.
وعمر مكتبة الفراني العامة يزيد عن 7 أشهر، إذ انطلقت بداية العام الجاري بمجهود ذاتي، وكان الإقبال ضعيفاً في البداية إلا أنه شهد مؤخراً ازدياداً ملحوظاً في أعداد مرتاديها، نظراً لانتشار الفكرة ومعرفة المحيطين بطبيعة المكان.
وتعتبر الصعوبات المالية وغياب الدعم الرسمي إحدى الصعوبات التي تواجه الأكاديمي الفراني، وتحمّل تكلفة استئجار المكان والذي تصل تكلفته السنوية إلى أكثر من 600 دولار أميركي، فضلاً عن عدم توفير كتب إضافية لتعزيز محتوى المكتبة.
ولفت إلى أنه في بداية افتتاحه للمكتبة كانت نظرة السكان تجاه المكتبة مختلفة، خصوصاً أنهم لم يعتادوا على مثل هذه الأمور، إلا أنها ما لبثت أن تغيرت تدريجياً في الفترة الأخيرة مع اتضاح الفكرة للجميع.
وتوفر المكتبة خدماتها للمرتادين مجاناً، وذلك خلال ساعات عملها اليومي التي تبدأ من ساعات الصباح الأولى وحتى المساء، خصوصاً فترة الإجازة الصيفية.
ويؤكد الفراني أنه سيواصل العمل في مكتبته بالرغم من ضعف الإمكانات المتاحة والمتوفرة، واعتماده على نفسه في تمويلها وافتتاحها، في الوقت الذي يأمل فيه أن تشهد الفترة المقبلة دعماً من الجهات المختلفة سواء الحكومية أو غير الحكومية من أجل توسعة المكتبة، وتوفير المزيد من الكتب والمصادر العلمية بداخلها، لتعزيز ثقافة المطالعة وقراءة الكتاب بين الناس.