الاثنين 08 يوليو 2019 21:14 م بتوقيت القدس
كشفت معتقلة سابقة لدى النظام السوري عن أساليب وحشية واغتصاب متكرر تعرضت له خلال فترة اعتقالها على خلفية تقديمها الرعاية الطبية لعدد من جرحى التظاهرات بداية الثورة.
ودفعت مريم (33 عاما) وهي امرأة متزوجة الثمن غالياً، بلا ذنب ارتكبته أدى بها لمحاولة الانتحار مرارا بسبب ما لاقته داخل السجون ومن المجتمع بعد الإفراج عنها.
وتم اعتقال مريم في سبتمبر/ أيلول من عام 2012، حيث وصلت دورية من “الشبيحة” في الصباح الباكر، ووضعوها في سيارة مصفحة كانت تقل 4 شابات أخريات وامرأة عجوزا.
واقتحم الشبيحة منزلها في مدينة حماة (وسط)، بلا طرق على الأبواب، وهجموا على الغرف باحثين عن مريم، ثم اقتادوها بلباس المنزل دون حتى أن يسمحوا لها بارتداء الحجاب، لتبدأ المعاناة.
وتقول مريم واصفة تلك اللحظات: “تذكرت مشهد اعتقال أخي وكيف كان ينزف بعد ضرب رأسه في السيارة، صرت أفكر في أبنائي الذين تركتهم خلفي وأنا ماضية للمجهول”.
بعد نصف ساعة وصلت مريم ومن معها من المختطفات لأحد الأفرع الأمنية التابعة للنظام وفوجئت هناك باستقبال كان كافيا كي تدرك هول ما هي مقدمة عليه.
تضيف: “استقبلونا هناك بعبارة “جاءت الإرهابيات” ثم دخلنا على شخص يدعى المقدم سليمان، وكان يأكل الفستق ويبصق علينا، ويتفوه بكلام بذيء بحقنا”.
لم تكتمل فصول “حفلة الاستقبال”، فسرعان ما اقتادت عناصر النظام المختطفات إلى قبو تحت الأرض بطابقين وبدأوا بتصويرهن، وأجبروهن على خلع الملابس بحجة التفتيش، وهنا أدركت مريم أن أبواب الحجيم قد تفتحت على مصراعيها.
“بدأوا بتعذيبنا عن طريق الشبح، وكان يوجد نساء ورجال في غرفة التعذيب”، تواصل مريم.
تذكر السيدة السورية أن أحد الرجال المعتقلين بجانبها طلب من المحققين أن يتركوها ويعذبوه بدلا منها، هنا تعالت قهقهات الجلادين ساخرة، وانهالوا على كليهما بالضرب المبرح.
تقول مريم إنها تعرضت خلال اعتقالها إضافة للشبح إلى ضرب شديد بالقضيب المعدني، وفقدت بعض أسنانها جراء الضرب المتكرر على وجهها.
وعن الحوادث التي عايشتها في المعتقل، أفادت أنها سمعت شابا كان يتوسل إلى المحقق للتوقف عن ضربه، وبعد قليل سمعت الجلاد وهو يقول للمحقق لقد مات، فما كان من الأخير إلا أن أمر الجلاد بأن يأخذه ويرميه، وشاب آخر اشتكى الجوع فأخذوه إلى المرحاض وأجبروه على تناول القذارة.
في خضم تجربتها المهولة يئست مريم من الحياة ونسيت حتى أولادها وكان الموت مبلغ أمانيها على البقاء ليوم إضافي في المعتقل.
كان برنامج التعذيب كما تقول مريم، “يوم شبح وثلاثة أيام ضرب، وفي إحدى المرات كان المحقق يشرب المتة (نوع من الأعشاب)، وبيده القضيب المعدني فسكب الماء الساخن علي، إلا أنني ومن شدة الخوف لم أشعر به”.
وضعوا المعتقلات الست في الطابق السفلي تحت الأرض في زنزانة مساحتها متر في متر، وكان هناك ضوء أحمر صغير مزعج جدا، وصوت تنقيط المياه يعذبهن، وكان يتم اقتياد كل واحدة منهن على حدة للتحقيق.
“الأكل كان مرة باليوم، والذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة مرة باليوم كذلك، في الوقت الذي يختارونه هم وليس نحن”.
تقول: “أضربت عن الطعام لأربعة أيام فنزل أحد الضباط وسألني عن سبب انقطاعي عن الأكل، فأخبرته أني أريد الخروج، فسألني مجددا ماذا تريدين أن تأكلي، فأجبته ساخرة كرسبي (دجاج مقرمش)، لم أكد أنهي الكلمة حتى انهالوا علي بالضرب”.
وعن حالات الاغتصاب تروي مريم: “بعد الساعة 12 ليلا كانوا يأخذون الفتيات وكنت منهن، ويتم اغتصابنا. إحدى صديقاتي فقدت عذريتها، واغتصبوا امرأة عمرها 55 سنة”.
كانت مريم تتضرع للجلادين ألا يغتصبوها من أجل الله والنبي، لكنهم كانوا يقولون لها ساخرين: “الله ليس موجودا والنبي في إجازة”.
وأخيرا خرجت مريم في صفقة تبادل، معتقدة أن أهلها وزوجها سيتقبلونها بشوق، لكن أحضانهم كانت موصدة، وتنكر لها الأهل والمجتمع، ما جعلها تتمنى لو ماتت داخل أقبية التعذيب ولم تر النور مجددا.
لدى وصولها إلى تركيا كانت مريم في حالة نفسية سيئة جدا، وحاولت الانتحار 3 مرات، وبعد ذلك خضعت لعلاج نفسي.
وتختم مريم قائلة: “تركيا احتضنتني، عندما تخلى عني الجميع، ونبذني أهلي ومجتمعي”.