الاربعاء 15 مايو 2019 20:22 م بتوقيت القدس
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد النبي صادق الوعد الامين وعلى اله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ..
أمّا بعد ، إخوتي أخواتي ، أيهّا القارئون لهذا المقال ، إنّ ما يدور في عالمنا اليوم ، ومن خلال مواكبتي للسياسة العالميه وللعلاقات الدوليه ، ولأنني على أبواب الالتحاق بالتعليم الاكاديمي في إدارة الأعمال والتجاره الدوليه والاقتصاد العالمي الدولي ، ومن خلال مواكبتي للوضع الاقتصادي والسياسي للمنطقه ، وخاصةً العالم الاسلامي والتدخلات الغربيه التي باتت تقطّع وتوصل وتُقّسم حسب ما يخدم مصالحها ، وإسقاط هذا الزعيم ، وخلع ذاك الحاكم ، فأصبحنا أمةً مستهلكةً تعيش على أفضال الغرب ، فيقاسمونا خيراتنا ، ويحرموننا من رزقنا ويكبلّون ايدينا وأقدامنا ، ليتسنّى لهم فعل ما يشائوا لهذه الأمه ، فهم يعرفون حق المعرفه ، أنّ الخير فينا وفي ديننا ، وأن لا رجعة لنا ولا صحوه من هذا السبات ، إلّا لأن نعود على ما كنا عليه ، وما هو واجب علينا أن نعمل به ونقتدي به ، أي العمل بموجب ما أَمرنا بهِ الله تعالى في قراننا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فمن خلال قرائتي والتمحص بكتب التاريخ ومتابعة المؤرخون من خلال كتب ومراجع تاريخيه تركوها لنا في صفحات الانترنت بشتّى أنواعها ، إنّ ما خطط لنا قبل عقود ، نحن اليوم نعيشه كواقع ، وأنّ ما تأسسَ لنا على مدار سنين مضت ، هو تخطيط وُضِعَ على طاولة المحاورات والمناقشات في كل فترةٍ من الفترات وبين كلّ حين وحين لكي يأتي من يكيد بهذه الامه ويريد الاسقاط بها وحرق كل ما ورثناه من علمٍ ودينٍ وأخلاقٍ وعادات وتقاليدٍ والكثير الكثير الذي ورثتهُ لنا الخلافات الأربع : الراشديه ، الامويه ، العباسيه ، العثمانيه ، لكي يؤسفني قول ذلك ، أنه واقع ، وواقع مرير نحن نعيش تجربته المريره الذليله بكل ما تحمله الكلمة من معاني ، لقد كنت جاهداً أن اجعل في لغتي هنا لغةً بسيطه مفهومه ، ولا ارفق فيها المصطلحات والكلمات التي قد تبلبل وتزعزع الفكره ومدى نجاح إيصالها الى القراء والناس في مجتمعي عامةً من أي فئةٍ عمريةٍ تكون.
لا يمكن ان تنشر فكرةً أو نموذجاً معين وخطة عمل مبرمجه لحل أزمه أو لخلق تغيير جذري ، وتلقى اكبر عدداً من المؤييدين لك ولفكرة النموذج المطروح إلّا من خلال أن تثبت لهم مدى نجاحها ومدى نجاعتها على أرض الميدان والاستعانه احياناً بالرجوع الى التاريخ لتجد الحل ، فعلي سبيل المثال ، في علم الاقتصاد لا يمكن أن يكون هناك تقدّم في افكار جديده الا من خلال اثبات مدى نجاحها وتأثيرها على سوقِ العمل ، فكيف يتم الاثبات؟يتم الاثبات من خلال تقديم خطة عمل وجدول بياني مدقق لحالة السوق للعمل على موازنه الصادرات والواردات ، وضمان نسبه ربح تكون نسبتها كبيره نسبيّاً.
وأيضاً مثال على وجود معضله او فجوه وازمه معينه تحتاج لحل يجب العمل على اسس وطرق تحل هذه المعضله من خلال رسم بياني يسمى ب رسم بياني لنقطة التوازي (balancing point) ويتم العمل عليها تدريجياً وبصورة سريعه لعدم تفاقم الازمه ، وعدم الوصول الى حاله اقتصاديه صعبه قد تسبب شلل او عجز في مجالٍ ما.
هذا في علم الاقتصاد ، ونستطيع أن نقرب الافكار لبعضها من خلال القول أنّ الاسلام هو أعظم مشروع وانجح خطة عمل طُبِّقت على أرض الميدان وكان لتأثيرها تغيير معايير دنيويه في دنيانا ، ومنهاج حياة وُجِدَ على هذه الارض ، فمن خلال دستور كامل وضعه رب العالمين في كتابٍ يتألف من ثلاثين جزء و ١١٤ سورة وهو القران الكريم ، وسنة حبيبي وحبيبكم ومولاي وشفيعي سيدي وسيدكم محمد رسول الله وخاتم أنبياءه صلى الله عليه وسلم ، وأربع تجارب كانت كفيله في سرد أن الاسلام عظمته بوحدة ابناءه مع الاختلاف الكبير بأعراقهم وأجناسهم، وعلى مرّ العصور والازمان ، واختلاف الحضارات ، كان الاسلام اكبر حاضنه للجنس البشري ، فقد ضمّ ديننا الحنيف جنسيات وأعراق منها: العرب، الترك (الاتراك)، الكُرد، الشركس، الفرس، الاعاجم في اوروبا كاملة ، الهنود بكافة عشائرهم والكثير الكثير ...
وقد أضاف إختلاف القوميات والاعراف هذا على ديننا رونقاً وتمسكاً أكثر فيه والايمان بمعتقداته ونشرهِ في الجهات الاربع.
لكن للأسف لم نستطع أن نحافظ على هذه الميزه في إسلامنا العظيم التي كانت موجوده في زمن الخلافات الاربع وخاصةً في زمن الخلافة العثمانيه ، فمن كان يتوقع أنّ هذه الميزةَ والنِعمه قد تنقلب علينا كالنقمه ، وكانت سبباً من أسباب تفكك دولة الخلافه العثمانيه ، اخر خلافه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا وتمزيق الترابط الاسلامي الذي دام إلى أكثر من 600 عام ، وكانت الضربه القاضيه بالحرب العالميه الاولى ، حيث أنّ بعد الحرب هذه وتشتت الدوله العثمانيه واراضيها وشعبها ، مباشرةً أخذت كل دوله بأخذ استقلالها والعمل على منهاج ونظام الدول الحديثه (العلمانيه) ، بعيداً كل البعد عن الامبراطوريات ونظام حكمهم ، ليستطيعوا ربط العالم بإقتصاد واحد ، وعمله واحده تكون الاقوى في العالم ، وبعد عدة سنوات ، أعيد المسلسل نفسه لسن قوانين وابرام اتفاقيات وتأسيس عصبة الامم ، والامم المتحده والعمل على منهاج الدول الحديثه الديموقراطيه ، وتأسيس وطن قومي لليهود على أنقاض فلسطين الفقيره المنهكه عن طريق إشعال فتيل الحرب العالميه الثانيه ، كلُّ ما تم تأسيسه في تلك الاعوام التي مضت ، وكل التغييرات التي غيرت وجه العالم كان لها هدفاً واحداً مخفياً بين سطور المدنية والحضارة والحداثه للعالم أجمع ، هدفاً واحداً لا يجب أن يخفى على مسلمٍ يغار على دينه ، ويغار على أمته ، لقد أرادوا تشتيت أملنا بالعوده تحت كنف دولةٍ واحده تحكم بدينها الحنيف ، وعدم تجمعنا تحت راية الخلافه والعمل بدستورنا ومنهج حياتنا ، الكتاب والسنه ، لانهم يعرفون حق المعرفه أنّ إجتماعنا على ديننا في الحكم والسياسه ، وامتثالنا بتعاليم ديننا فإنه سيكون ولاده لنظام جديد سيحكم العالم بقوه لا صعف ولا استسلام فيه ولا ذله ، وبالتالي سيعود أبناء ديني وملتي وأبناء أمة محمد من تصدر العالم في جميع المجالات وقيادتنا للعالم في جميع التطورات والحياه العلميه والعمليه ، وتأسيس نظام اقتصادي اسلام يعمل على تطوير وتجديد الروح الاقتصاديه للعالم أجمع ، واستبداله بهذا النظام الربوي الفاشل الذي وضع لنا من قبل أشخاص ومجموعات وجماعات ، كان وما زال كل سعيها في حياتها هي القضاء على الاسلام وتسيير نظامهم الربوي للسيطره على العالم وإمساك زموم أمور الدنيا بيدٍ من حديد.
وما سردهُ التاريخ لنا أنّ الدين الحنيف ، دين الاسلام ، استطاع فتح البلاد ونشر الحق والعدل على العباد من خلال حكمٍ اسلامي كان وما يزل هو الخير الابدي لأمم العالم ، والأمم التي تدخل تحت إطارِ وكنف هذا الدين العظيم ، ولا رجعه لنا ولا عزه ، إلّا من خلال حكمٍ إسلامي رشيد ، وخلافةٍ إسلاميه تحكم بالعدل والقسط ، وتكوين نظام دنيوي جديد ، يخلق معايير جديده ، غير التي فرضت علينا بسبب ضعفنا وهواننا به ، وتخلينا عن ديننا وتنازلنا عن مبادئنا.
وما يدور اليوم مع اشقائي العرب وتفكيك دولهم ، والتدخل الغربي بإستمرار في دولهم واثارة حروب مستمره ، هذا وإن دل فإنما يدل على خوف الغرب منهم وعند تأسيس دولاً قويةً في الناحيتين الاقتصاديه والسياسيه ، ولا تريد أن تكبر نفوذها وتمركز قوه معينه من شأنها تغيير معايير دوليه ، وقلب اقوى اقتصادات العالم الى الحضيض.
ما خصّ الله به الجزيرة العربيه و الشام الشريف ، العراق المذدهر بأهله ، الاناضول البطل ، بيتُ المقدِسِ وأكنافه ، ومصر العروبه ، والمغرب العربي بدوله الخمس وجميع دول وديار الاسلام من خيراتٍ وروحنيات إرتبطت مباشرةً بوجود ونمو الاسلام فيها ، ما يتم اليوم من مؤامرات على إسلامنا وجعل الاسلام نموذجاً فاشلاً في الحكم ما هيإلّا دلالات على قوة الاسلام وتأثيره وتطبيق شريعته على ارض الميدان ، نحن نرى على الدوم عمليات التكفير لجميع المنظمات الاسلاميه ، وجمع كل فئات والاحزاب والجماعات التي تنادي بالحكم بدين الله الاسلام الحنيف ، وجمع التيار الاسلامي السياسي الذي همه الشاغل هو رِفعة الامة ونصرتها ، بجماعات متطرفة لا تمد للاسلام بِصله هم من أسسوها ودعموها تنادي بإسم الدين وهي بعيده كل البعد عن الاسلام واخلاقه وما حيث عليه ، هدفهم أن يتيهوا بوصلة الاسلام الرشيده ، وتشويه صورة الاسلام واتباعه من خلال أكبر وأقوى المنابر الإعلاميه في العالم العربي والغربي.
إنّ ما يدور اليوم من سياسات في العالم تعمل هادفه على سلخ المسلم عن هويته الدينيه ومرجعيته وعقيدته التي تربى عليها من خلال أعوانٍ لهم في حكوماتنا وسلطاتنا العربيه ، حيث تخرج الحجاز ، درّة العالم الاسلامي ومهبط الرسالة المحمديه بعلمائها وشيوخها في تصريحاتٍ مخزيه مهينه واعتبرها مشينه وعار لعلماء من مستوى عائض القرني وغيره من المنافقين ، أنهم تراجعوا عن قول الحق ، وقول أن الاسلام هو الحل لكل ازمات الامّه ، وأن لابد لما من صحوه إسلاميه عزيزه ، فيؤسفني قول أنهم بدّلوا هذا الكلام ، بكلامٍ سفيه وينادون "بالاسلام المعتدل" أو "الاسلام الوسطي" ويعتذروا عن اقوالهم السابقه التي عرفوها اليوم بالاقاويل المتطرفه ، وينادون بدين اميرهم وولي عهدهم محمد بن سلمان ، ونسوا أنّهم كعلماء لهذا الدين لا يجب أن يتحركوا عن الحق شبرا ، لو كلفتهم حياتهم ، ونسوا أن كلمة الحق عند سلطانٍ جائر هي جهاد عظيم ، وان من مات في سبيلها يعتبر شهيد من اكرم الشهداء عند الله..
حبيبي وحبيبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ويدعي دائماً "اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا" ، فمصيبة الدين هي اشد انواع البلاء قد تصيب المرءُ منّا ، فهمها أصيب المرء في حياته من مصائب وابتلاءات ، تأكدوا ان مصيبة فقدان الدين في قلوب الناس وضرب مجتمعنا الاسلامي بها ، وخاصةً شباب الامة التي باتت للأسف فاقده لدينها وقيمها الاسلاميه التي خلقها الله لتسير عليها في هذا الحياه ولتكون في مقدمة الامم.
وفي الختام ادعو الله عز وجل ان نكون ممن يستخدمهم ربنا ولا يبّدلهم ويعز الاسلام بهم ، ويعلي كلمة الحق في هذه الدنيا ، ونستعيد مقامنا ومكاننا في هذا الدنيا ، وهو المقدمه بلا شك.
جهل الله هذا الشهر شهر خيرٍ وبركةٍ فاسغلوه في عبادة المولى وفي التقرب اليه ، واغتنموه لتكن أيامه أيام خيراً علينا ، فحتماً في التقرب الى الله سنجد العزة والنصر المبين لهذه الامه ولهذا الدين العظيم.
دمتم بحفظ الله ورعايته وحماكم ربي من كل الشرور والمكائد.
محمد عادِل بهنسي.