القدس

القدس

الفجر

04:29

الظهر

12:37

العصر

16:16

المغرب

19:16

العشاء

20:45

دولار امريكي

يورو

دينار أردني

جنيه استرليني

دولار امريكي

0 $

دولار امريكي

0

يورو

0

دينار أردني

0

جنيه استرليني

0

القدس

الفجر

04:29

الظهر

12:37

العصر

16:16

المغرب

19:16

العشاء

20:45

الإسلام بين التجديد والثبات بقلم الشيخ كمال خطيب

الجمعة 01 مارس 2019 22:23 م بتوقيت القدس

اسعار العملات

0

دولار امريكي

0

دينار أردني

0

يورو

0

جنيه استرليني

مواقيت الصلاة

الفجر

04:29

الظهر

12:37

العصر

16:16

المغرب

19:16

العشاء

20:45

في ظروف الفراغ والوهن والضعف وقلة الإمكانات يعيشها الفرد، وبينما هو ينظر إلى الآخرين وإمكاناتهم وما هم عليه من ثراء وغنى وأسباب الرفاهية والترف، فإنه يتمنى أن يصبح حاله كحالهم وأن يتبدل فقره غنى، وأن يتحول شظف عيشه إلى رفاهية وإمكانات مادية ميسورة.

فإن كان هذا الشخص صاحب إيمان عميق وفهم دقيق فإنه يعلم أن هذا لن يكون بالتمني وزراعة الأمنيات، لأن زراعة الأمنيات لن تحصد إلا الوهم، وقد قيل: “الأماني رأس مال المفاليس” وإنما هو الذي يأخذ بالأسباب فيجدّ ويجتهد ويسهر ليله ويضني نهاره، وعند ذلك سيحوز ما يحوزه الآخرين، بل ولعله في حال أحسن من حالهم.

إنه العيب كل العيب والعار يجعل هذا الذي يسعى لنيل مثل الذي عند الآخرين إما بالتوسل إليهم وجعل يده هي السفلى، وإما بأن يفعل تمامًا مثل فعلهم فإن كان هذا الثراء عندهم قد بلغوه بالربا أو بالرشوة أو بتجارة المخدرات فإنه يسلك طريق الربح غير المشروع مثلهم، لا لشيء إلا لأن حالة الفراغ الفكري والروحي وحالة الضعف المادي والاقتصادي تجعله يفعل أي شيء ليصبح مثل الآخرين بعيدًا عن ضوابط الحلال والحرام والأخلاق والقيم.

ولعلها القصة التراثية تحكي عن الغراب وقد رأى طائر الحجل، فأعجب ليس فقط بجماله وإنما برشاقة مشيته، فحاول الغراب أن يمشي مشية الحجل لكنه لم يستطع فقرر أن يرجع إلى مشيته فلم يحسن العودة إليها، فأصبح يدب دبًا في مشيته حتى قيل “لا هو مشى مثل الحجلة ولا هو رجع إلى مشيته الأصلية”.

# العبيد في مهمة التجديد
وإن ما ينطبق على الأفراد فإنما ينطبق تمامًا على الأمم والشعوب الضعيفة وهي تنظر إلى حال الأمم والشعوب القوية اقتصاديًا وفكريًا وعسكريًا، وأنها أصبحت أممًا متحضرة ومتعلمة، فإذا سألت عن السبب قيل لأن هذه الأمم قد تحررت من قيود الكنيسة ومن تعاليم الدين الذي كان يقيّدها ويقهر أنفاسها، ولأنها فصلت بين الدين والسياسة فقد نهضت وانطلقت في ثورة علمية وصناعية غير مسبوقة.

تمامًا هكذا كان حال المسلمين في فترة ضعفهم في القرون الأخيرة، وقد رأوا ما عليه في أوروبا وأمريكا من نهضة غير مسبوقة، وإذا ببعض المتفرنجين والمضبوعين بالفكر الغربي يرجعون ما عليه المسلمين من ضعف وفقر سببه الدين وتعاليم الإسلام وجمود الشريعة، وأنه لابد من التحرر من هذه كلها كما تحررت أوروبا، ولا بد من فصل الدين عن السياسة كما فعلت وأنه لا بد أن نسير وفق خطة سير الغرب تمامًا، ليس أن نأخذ منهم علومهم فقط بل أن نأخذ منهم وعنهم أخلاقهم وعاداتهم وسلوكياتهم أنّى كانت ومهما بلغ بها حدّ التعارض والتناقض مع أخلاقنا وثقافتنا.

نعم لقد نشأ بين المسلمين فريق يدّعي أن الإسلام دين جامد وغير مواكب للتطور، ولذلك فلا بد من إعادة تجديد الدين وتحديثه بما يمكنه من مواكبة العصر والتلاؤم مع الحداثة والعصرنة حتى يصبح الخطاب الديني متلائمًا مع الواقع الجديد.

ليس أن هؤلاء يريدون ويقصدون بالتجديد استخدام الاكتشافات والتقنيات الحديثة وتطويعها بما يتلاءم مع أحكام الإسلام وتشريعات، وإنما هم الذين أرادوا أكثر من ذلك بكثير. نعم إنهم أرادوا إحداث تغيير بل انقلاب في فهم المسلمين وتعاملهم ونظراتهم إلى حقيقة الزنا بأنه حرام، التبرج وأنه حرام، شرب الخمر وأنه حرام، الشذوذ الجنسي وأنه حرام وغير ذلك، إنهم أرادوا كذلك ضرب وتشويه والنظر بمنظار جديد إلى حقيقة اعتبار المسلمين أن الحياء فضيلة وأن العفاف فضيلة وأن الأمانة فضيلة وأن الشجاعة فضيلة.

إنهم أرادوا تطوير وتجديد فهم المسلمين لهذه المحرمات أو الفضائل إلى حد أن يصبح المسلم يتقبل أن الزنا إن كان برضى الطرفين فإنه لا يعتبر جريمة، وأن التبرج يمكن أن يسمى موضة ولا بأس عندها، وأن الخمر يمكن أن يسمى مشروبات روحية، وأن الشذوذ الجنسي يمكن أن يطلق عليه إسم المثلية الجنسية وبالتالي فتصبح النظرة إلى كل ما ذكر وغيره نظرة عصرية جديدة متحررة من شعور الإثم الذي اعتادت الشخصية الإسلامية أن تنظر إليه على مر العصور.

وإنهم أرادوا للمسلم أن يتطور ويتجدد بحيث يصبح الحياء نوعًا من ضعف الشخصية وانفصام الذات، ويصبح العفاف حالة من الشكوك الذاتية في الإنسان سببها خوفه من الانكشاف على الآخر لعلمه أنّ فيه عيوبًا يجب أن تظل مستورة. تمامًا كما قال اليهود يومًا عن سيدنا موسى عليه السلام لمّا رفض أن يتعرى أمامهم وكان من عادتهم أن يتعروا أمام بعضهم البعض، وإذا بهم يشيعون بينهم أن موسى لا يريد التعري لأن في جسده برص ولا يريد أن يراه الناس بذلك المرض على جلده ليضطروه أن ينفي هذا عن نفسه فيتعرى مثلهم، فأنزل الله بهذا قرآنًا يتلى دفاعًا عن موسى عليه السلام {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا} آية 69 سورة الأحزاب.

وحتى مصطلح الشجاعة والجرأة والبطولة فإنهم يريدون تشويهها والطعن بها وعدم اعتبارها فضيلة، وإنما اعتبارها تهورًا واندفاعًا وحماسة غير محمودة لأنها غير مضمونة النتائج.

# الثعبان في منديل الحرير

إنهم أعداء الإسلام من جهة دفعهم ذلك الطابور من الإمّعات والمضبوعين الذين قد ذابت شخصيتهم الإسلامية إما انبهارًا وإعجابًا بما عند الآخرين، وإما ذلًا وضعفًا حيث يريدون فعل كل شيء به ينالون الرضى والحظوة عند الأعداء {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة} آية 52 سورة المائدة.

إنهم الذين يسعون ويعملون على تطوير وتجديد كل ما له علاقة بالدين عقائده وشرائعه وأخلاقه ومفاهيمه، ولا يرون في هذا الدين ما تنطبق عليه صفة الثبات والبقاء وذلك ردًا ومواجهة لأبناء المشروع الإسلامي الذين يرون في الإنسان فطرة ثابتة، وفي الكون سننًا ثابتة، وفي الحياة قيمًا ثابتة، ومصدرها هذا كله الله جل جلاله {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله}.

إنها نفس سياسة أعدائنا التي تجد لها آذانًا صاغية بل طبولًا جوفاء تردد صدى ما يقوله الأعداء الذين أسموا أنفسهم يومًا بالاستعمار وهم في الحقيقة من حملوا كل وسائل التدمير والخراب لمجتمعاتنا. إنهم الذين عرفوا أن قوة المسلمين هي بتمسكهم بدينهم وأن صلابتهم هي بأن لهم عقيدة ومنهجًا يتمسكون به، وهو غير خاضع لأهواء البشر ونزواتهم، ولابد للتغلب على المسلمين والانتصار عليهم أن يتم حرف مسارهم وتشويه فهمهم للإسلام، بل لابد من إدخال مفاهيم جديدة عليهم ولها بريق ولمعان كمفهوم الحداثة أو مفهوم تجديد الخطاب الديني.

كان مصطلح تجديد الخطاب الديني الوسيلة التي أراد من خلالها أصحاب المصالح والهوى الوصول إلى مبتغاهم والمتمثل بفرض سيطرتهم على مجتمعاتهم عبر تغليف تلك السطوة وذلك الانقلاب بهذا البريق واللمعان، إنه دس السم بالعسل بل إنه وضع الأفعى السامة في ذلك الثوب الحريري الناعم.


هكذا فعل السيسي فرعون مصر الجديد، وهو يسعى للتمكين لنفسه ولتبرير الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، فرفع شعار تجديد الخطاب الديني واستخدم لذلك علماء السلطان من بعض علماء الأزهر ومن بعض المشايخ الذين صنعتهم الفضائيات، والذين صوّروا للناس أن الدين ومفاهيم الدين لم تعد تتلائم مع تطورات العصر ومع الواقع العالمي الجديد وعليه فلا بد من التجديد في الخطاب الديني، وكل ذلك في محاولة منه لإظهار أن المشروع الذي كان ينتمي إليه محمد مرسي والتيار الجارف الذي قاد وحرّك ثورة 25 يناير والذي أوصل مرسي للحكم، إن هؤلاء لا يمكن أن يقودوا مصر ولا أن يرتقوا بها بسبب خطابهم المنغلق والظلامي، وعليه لابد من خطاب جديد يتسم بالعقلانية والتسامح ليكون هو الخطاب الذي يقع على الأذن الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية.

ومثل السيسي فإنه محمد بن سلمان في السعودية والذي يقود كذلك مرحلة شعارها تخليص البلاد من إرث الماضي وتجديد الخطاب الديني الذي يتلاءم مع مشروعه في تطوير السعودية والذي أسماه “مشروع2030” أي ما ستكون عليه السعودية في العام 2030.

ومثل السيسي فإن ابن سلمان قد اتخذ له أبواقًا من المشايخ والدعاة والمفتين الذين يملكون الجرأة لتطويع النصوص وليّ أعناق الآيات حتى يخرج منها أحكامًا جديدة وفق رؤية ابن سلمان.
لم يقف الأمر عند فتح دور السينما ومشاركة النساء في مباريات كرة القدم، ولا حتى في إقامة عروض أزياء نسائية في المدينة المنورة، ولا في إقامة احتفالات عيد الحب واستقدام مطربين ومغنيين من لبنان ومصر والعراق، ولا بإقامة مهرجانات غناء لمطربين ومطربات من أمريكا وأوروبا ولا حتى بالسماح بشرب الخمر في أماكن معينة. لقد وصل الأمر في دائرة التجديد للخطاب الديني أن يتجرأ شيخ سعودي هو الشيخ المغامسي لينسف رواية بل قناعة بل معتقدًا دينيًا إسلاميًا مفاده أن الذبيح الذي أمر الله إبراهيم أن يذبحه من أولاده هو اسماعيل، وإذا بالمغامسي هذا يقول بأن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل في إشارة واضحة إلى مساعي الإعلان والكشف عن مرحلة جديدة من العلاقة بين آل سعود وبين اليهود واسترضائهم ونيل الحظوة عندهم.

وليس أقل من هؤلاء في طرح فهم التجديد عبر محاولات تفسير النصوص الدينية أو الرواية التاريخية الإسلامية تفسيرًا جديدًا فيه نسف بل تكذيب وافتراء على الرواية التاريخية لقصة الفتح العمري للقدس الشريف.

نعم إن ما كان من حديث لقيادي إسلامي والإدّعاء بأن اليهود قد فرحوا بالفتح العمري والذي مكنّهم من إقامة بناء كنسهم في القدس، فإن هذا يتعارض بالمطلق مع الحقيقة التي سطرتها العهدة العمرية والتي تنص على عدم السماح لليهود بالسكن في القدس أبدًا، وهو ما كان ساريًا قبل ذلك طوال مئات السنين يوم أن احتل الرومان القدس الشريف قبل الفتح العمري الإسلامي لها، وهو ما استمر كذلك بعد الفتح العمري مئات السنين الأخرى.

وليكون السؤال هل هي زلة لسان أم أنها نسف لمسلّمة من المسلّمات لم يسمع من يعارضها أو يحاول تكذيبها أو تفنيدها أو تفسيرها بأي تفسير آخر على مدار التاريخ الإسلامي. فإذا كان الجواب كذلك فهل هذه هي الضريبة المطلوب أن يدفعها دعاة تجديد الخطاب الديني بسعيهم لاسترضاء الآخر، وما هو الفارق بين من يقول أن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل وبين من يقول أن عمر بن الخطاب قد سمح لليهود بإقامة كنيس في القدس؟

وعليه فإن الظرف الصعب الذي تمر به الأمة يتطلب الصبر والثبات والعض على النواجد حتى يأذن الله بالفرج أو أمر من عنده سبحانه. وإن مرونتنا وواقعيتنا في تجاوز المرحلة لا تعني أبدًا ولا يجب أن تصل إلى درجة وإلى حد تشويه الهوية ومسخها ونسف الرواية التاريخية أو حتى العقائدية، سعيًا لاسترضاء أحد من البشر أو حكومة ظالمة، ولإثبات أن البعض يحمل فكرًا إسلاميًا مرنًا واقعيًا تجديديًا يتقبل الآخر ويتعايش معه وليس فكرًا متعصبًا جامدًا.

فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك. اللهم إنا نعوذ بك أن نزلّ أو نُزلّ أو نضلّ أو نُضلّ. اللهم إنا نعوذ بك من أن نكون من الذين يسارعون فيهم وإليهم ليرضوا عنهم، واجعلنا من الذين يسارعون إليك لترضى أنت عنهم يا رب العالمين {وعجلت إليك رب لترضى} آية 84 سورة طه.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون


الكلمات الدلالية :


اضف تعقيب

اسعار العملات

0

دولار امريكي

0

دينار أردني

0

يورو

0

جنيه استرليني

مواقيت الصلاة

الفجر

04:29

الظهر

12:37

العصر

16:16

المغرب

19:16

العشاء

20:45