الاثنين 25 فبراير 2019 17:03 م بتوقيت القدس
القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
كاد زلزال سياسي شهدته إسرائيل مؤخرا أن يُفقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو توازنه، فراح يسابق الزمن في محاولة لجمع الأحزاب اليمينية الصغيرة في تحالف واحد، ونجح في ذلك تحت اسم "اتحاد أحزاب اليمين".
وتمثل هذا الزلزال، بحسب وصف الإعلام العبري، في الإعلان عن تحالف "كاحول لفان" (أزرق- أبيض، نسبة لألوان العلم الإسرائيلي)، والذي بات يشكل تهديدا حقيقيا لنتنياهو واليمين، ونشأ مؤخرا عن اتحاد حزب رئيس الأركان السابق، بيني غانتس، "حصانة إسرائيل" (وسط)، وحزب "هناك مستقبل" (وسط ليبرالي) بزعامة يائير لبيد.
والخميس الماضي، أعلن غانتس ولبيد تشكيل قائمة موحّدة تضم أيضا رئيسي الأركان السابقين، موشيه يعالون، زعيم حزب "تيلم" ("الحركة من أجل دولة إسرائيل")، وغابي اشكنازي، الذي كان عراب التحالف بين غانتس ولبيد.
في المقابل أسفرت جهود نتنياهو الذي يتزعم حزب "الليكود" عن تحالفه مع حركة "قوة يهودية" المتطرفة والمعادية للعرب، وإقناع حزبي "الاتحاد القومي" و"البيت اليهودي" اليمينيين بخوض الانتخابات في قائمة واحدة مع "القوة اليهودية"، تحت اسم "اتحاد أحزاب اليمين".
وبحسب وسائل إعلام اسرائيلية، بينها صحيفة "هآرتس"، فإن نتنياهو وعد التحالف اليميني بحقيبتي التعليم والإسكان في حكومته القادمة وبمقعدين في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت).
وتنذر تلك التحالفات بموسم انتخابي ساخن قبيل أسابيع من إجراء الانتخابات البرلمانية في التاسع من إبريل/نيسان المقبل، وهو ما عبر عنه نتنياهو بقوله "اليمين في إسرائيل يواجه معركة انتخابية صعبة".
وتشير استطلاعات الرأي التي نشرت الخميس والجمعة الماضيين إلى أن أحزاب اليمين الثلاثة التي نجح نتنياهو في التحالف معها، ستحصل على ما بين 5-6 مقاعد في الكنيست المكون من 120 مقعدا.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم قدرة " الليكود" اليميني أو تحالف" أزرق- أبيض" الوسطي على تشكيل حكومة دون الحصول على ثقة 61 عضوا في الكنيست فإن حتى هذا العدد القليل من المقاعد سيكون له أثر واضح في تحديد هوية رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل.
وجدير بالذكر أن انتقادات واسعة من الداخل والخارج وجهت لنتنياهو لتحالفه مع حزب "القوة اليهودية" الذي يقوده نشطاء سابقون في حركة "كاخ" العنصرية المحظورة في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وكندا.
واستنادا الى استطلاعات الرأي العام في إسرائيل التي نشرت الخميس والجمعة، إذا ما أجريت الانتخابات الآن سيحصل تحالف "أزرق- أبيض" برئاسة غانتس على 36 مقعدا في حين يحصل حزب" الليكود" برئاسة نتنياهو على 30 مقعدا، وهذه هي المرة الأولى منذ عقد من الزمن التي يتفوق فيها حزب إسرائيلي في الاستطلاعات على الليكود.
وفي حال انتهت الانتخابات في التاسع من إبريل/نيسان إلى هذه النتيجة فإن الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين سيكلف غانتس بتشكيل الحكومة القادمة، طبقا للقانون.
إلا أن هذا لن يضمن لغانتس مقعد رئاسة الحكومة إذ سيتعين عليه أولاً الحصول على ثقة 61 عضوا في الكنيست، وهي مهمة ليست بالسهلة على الإطلاق وفقا للمعادلة القائمة.
فالاستطلاع الذي نشرته صحيفة" يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ، الجمعة، أشار إلى حصول حزب " العمل" (وسط اليسار) بزعامة آفي غباي على 8 مقاعد وحزب " ميرتس" اليساري على 4 مقاعد.
ويعتبر هذان الحزبان شريكان متوقعات لتحالف "أزرق- أبيض" في أية حكمة قادمة.
إلا أن عدد المقاعد التي ستحصل عليها أحزاب اليمين، بحسب استطلاعات الرأي غالبا ما ستصب في صالح نتنياهو، إذ إضافة إلى " اتحاد أحزاب اليمين" (يضم "قوة يهودية" و"الاتحاد القومي" و"البيت اليهودي")، والذي يحصل بموجب الاستطلاعات على 5- 6 مقاعد، يحصل حزب" اليمين الجديد" برئاسة وزير التعليم نفتالي بنيت على 6 مقاعد.
كما يحصل حزب "كلنا" برئاسة وزير المالية موشيه كحلون على 4 مقاعد وعدد مماثل من المقاعد لحزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان و"يهودوت هتوراه" برئاسة نائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان على 6 مقاعد وحزب المتدينيين الشرقيين "شاس" برئاسة وزير الداخلية آريه درعي على 5 مقاعد.
وتحصل الأحزاب العربية على 12 مقعدا ولكنها لا تحبذ الانضمام إلى حكومات تقودها أحزاب يهودية كما أن الأحزاب اليهودية عادة لا تبحث عن دعم منها عند تشكيل الحكومات.
هذه المعادلة دفعت صحيفة" معاريف" الإسرائيلية، الجمعة، إلى القول إن اليمين الإسرائيلي سيحصل على عدد أكبر من المقاعد في الانتخابات القادمة.
ومع ذلك فقد قال ميخائيل بيتون، القيادي في تحالف" أزرق- أبيض" إن التحالف مع الأحزاب الدينية ليس مستبعدا، مشيرا إلى أن "غانتس لم يتنازل عن الشراكة مع الأحزاب اليهودية المتشددة دينيا بتحالفه مع يائير لبيد".
وأضاف بيتون "وعلمنا من مصادر خاصة أن هذه الأحزاب وحاخاماتها لا يستبعدون الانضمام الى حكومة غانتس".
وفي محاولة من " الليكود" للتأثير على الأحزاب اليمينية قال قياديون في الحزب لهيئة البث الاسرائيلية، الجمعة، إن "الخيار الآن أصبح واضحا فإما حكومة يسارية برئاسة لبيد -غانتس بدعم من الأحزاب العربية أو حكومة يمينية برئاسة نتنياهو".
ولا يستبعد محللون إسرائيليون أن تنجح الأحزاب اليمينية الإسرائيلية الصغيرة في إنقاذ نتنياهو وإيصاله إلى مقعد رئاسة الحكومة مجددا حتى وإن تفوق عليه "أزرق- أبيض" فعلياً في الانتخابات.
ويشيرون في هذا الصدد الى انتخابات العام 2009 حينما تفوق حزب"كاديما" برئاسة وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني على الليكود، لكنها لم تتمكن من تجنيد 61 صوتا لتشكيل الحكومة فشكلها نتنياهو.
وكتب أشير كوهين في صحيفة" إسرائيل اليوم"، الجمعة، يقول "كاديما برئاسة ليفني حقق 28 مقعدا، والليكود في المكان الثاني حصل فقط مع 27 مقعدا".
وأضاف كوهين "وكما هو معروف، فقد كلف الرئيس نتنياهو الذي قاد الليكود بالمهمة. لماذا؟ لأن ما يقرر لدى الرئيس هو حجم كتلة الأحزاب التي توصي برئيس الوزراء، فنتنياهو ورغم حلوله في المركز الثاني، كانت هناك أغلبية في الكنيست أوصت به".
وتساءل آلوف بن في صحيفة " هآرتس" الإسرائيلية الجمعة "هل يمكن لغانتس الفوز؟ الحافز والقدرة السياسية تميل لصالحه، لكن الانتخابات تُحسم في بيت الرئيس، الطريق الى هناك متعرجة، إذ يقف خلف نتنياهو معسكر موحد في أيديولوجيته – أي الحفاظ على المناطق المحتلة وكراهية معلنة للعرب".