ما زالت الهجمات الإسرائيلية داخل الحدود السورية تحظى باهتمام الأوساط العسكرية والأمنية في ظل تطورات متسارعة، من بينها الاعتراف الإسرائيلي غير المسبوق بتنفيذها، وحالة التوتر مع الروس عقب هذه الهجمات، وإمكانية حصول رد فعل سوري إيراني عليها.
فقد ذكر آفي بنياهو الناطق العسكري الأسبق باسم الجيش الإسرائيلي أن “إسرائيل ملزمة بالعودة إلى سياسة التعتيم في إطار هجماتها داخل سوريا وايران، مع مواصلة هذه الضربات دون توقف، لأن التعتيم يمنح إسرائيل القدرة على الاستمرار في ضرباتها في ظل صمت مطبق، ما يرجح أن الفترة القادمة ستشهد المزيد من توجيه الضربات الجوية باتجاه سوريا لاستهداف المواقع السورية والإيرانية وحزب الله”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة “معاريف”، أن “هذه الضربات سوف تتواصل بفضل السياسة التي اتبعها قائد الجيش المنصرف غادي آيزنكوت صاحب استراتيجية (المعركة بين الحروب)، لكنه أخطأ حين سمح لبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة بأن يعلن المسؤولية عن هذه الضربات بدافع المزاودات الانتخابية”.
وختم بالقول إنه “حان الوقت لإسرائيل للعودة إلى سياسة التعتيم السابقة، لأنه في ظل عودة النظام السوري لسيطرته على كامل أرجاء البلاد، وبرعاية روسية وإيرانية، فإن ذلك يتطلب من إسرائيل استمرار عملياتها، ولكن بكثير من التواضع”.
الجنرال رون تيره الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، قال إن “التغير الطارئ في الجبهة السورية قد يؤدي بالأمور إلى مزيد من التصعيد العسكري، على اعتبار أن المعطيات الميدانية طرأ عليها تحول من جهة المخاطرة الاستراتيجية التي تجد إسرائيل فيها نفسها، لكن ذلك لا يمنع الاستمرار في صيغة “المعركة بين الحروب”.
وأضاف في ورقة بحثية ترجمتها أن “استمرار إسرائيل في عملياتها داخل سوريا يجب أن يتزامن مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطرة المذكورة، بهدف منع حيازة إيران وحزب الله لأسلحة متطورة، وطالما أن النظام السوري يعيش مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية، فإن ذلك سوف يشجع الحزب على الإسراع في امتلاك المزيد من الأسلحة والمعدات القتالية الكاسرة للتوازن، ما يشكل ضغطا على إسرائيل لمواصلة عملياتها السابقة”.
وأشار تيره، الذي شغل مواقع مهمة في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان” إلى أن “أهداف العمليات الإسرائيلية في سوريا ما زالت ماثلة، ولم تتغير، وهي: إحباط نقل أي أسلحة متطورة إلى حزب الله، والحيلولة دون نجاح إيران في إقامة قواعد عسكرية داخل سوريا، ومنع تأسيس تواجد عسكري لحزب الله وإيران والميليشيات الشيعية في هضبة الجولان، وتحويلها إلى حدود ساخنة، وضرب مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله في لبنان”.
وأوضح أن “كل هذه أهداف في جوهرها تهدف لحماية الأمن القومي الإسرائيلي، ويتطلب تنفيذ كل واحد منها قياس تأثيره وحجم المخاطرة فيه، مع العلم أن هناك عنصرين يتحكمان في طبيعة السلوك الإسرائيلي تجاه هذه التحديات القائمة في سوريا: الأول إمكانية أن يغير اللاعبون الخصوم من سياساتهم، بحيث يتوقفون عن توجهاتهم التوسعية داخل سوريا، وتطلعاتهم لحيازة المزيد من الأسلحة”.
وأضاف أن “العنصر الثاني يتمثل في مواصلة إسرائيل لسياستها الردعية ضد أعدائها، ولذلك فإن وقف إسرائيل لعملياتها داخل سوريا، سواء لأنها فقدت حرية الحركة الجوية داخل أجوائها، أو لأن مخاطر الهجمات باتت أكثر من المحتمل، قد يقلب كل الاحتمالات إلى عكسية بما يناقض المصالح الإسرائيلية”.