الجمعة 11 يناير 2019 18:56 م بتوقيت القدس
أكد شاليف حوليو، مدير عام شركة NSO الإسرائيلية لتطوير برامج إلكترونية هجومية تُستخد للتجسس بواسطة الهواتف النقالة، على أنه تم استخدام برامج طورتها الشركة، مثل برنامج "بيغاسوس"، من أجل التجسس على أمير قطر، تميم ن حمد آل ثاني، ووزير خارجيتها، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وجاء في سياق مقابلة أجرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" مع حوليو، اليوم الجمعة، إنه في يوم 27 كانون الأول/ديسمبر الماضي، استعرض أمام اجتماع واسع مغلق بمشاركة نحو 400 من موظفي NSO، اجتمعوا في قاعة في جامعة تل أبيب، شرائح بهدف كشف صورة لحالات تجسس متنوعة بواسطة البرامج الإلكترونية التي تطورها هذه الشركة. وبضمن هذه الشرائح، واحدة تظهر عملية التجسس على المسؤولين القطريين.
وكانت صحيفة "نيو يورك تايمز" قد نشرت تقريرا، قالت فيه إن الإمارات استخدمت برنامجا اشترته من NSO الإسرائيلية من أجل اعتراض المحادثات الهاتفية لأمير قطر ووزير خارجيتها، تناولت دفع أموال لإيران وحزب الله من أجل تحرير رهائن قطريين في العراق. وقالت "يديعوت أحرونوت" إن عرض الشريحة المتعلقة بالتجسس على المسؤولين القطريين كانت إحدى الحالات التي انتصرت فيها تكنولوجيا NSO على الأشرار ودعمت أمن إسرائيل". وقال حوليو حول ذلك، إن "المحامين ألزموني بأن أضع شريحة تعبر عن نماذج (لعمل الشركة)، وأن اقول أن الحالات التالية هي نماذج لما تفعله شركات مثل NSO".
وسعت المقابلة مع حوليو إلى محاولة تحسين صورة شركة NSO، التي تضررت سمعتها بشكل كبير جدا في الفترة الأخيرة، بعد نشر تقارير حول بيع برامجها التجسسية لأنظمة دكتاتورية ومستبدة، مثل الإمارات والبحرين والسعودية، التي استخدمت برامج التجسس هذه لتعقب معارضيها. ووصلت سُمعة هذه الشركة الإسرائيلية إلى الحضيض بعد اتهامها بأن برامجها التجسسية ساعدت في جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، التي أثارت ضجة عالمية واسعة لم تهدأ حتى اليوم.
"NSO تلعب لعبة خطيرة"
وأجرت "يديعوت أحرونوت" في سياق تقريرها، اليوم، مقابلة مع الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA)، إدوارد سنودن، الذي سرّب كمية كبيرة من وثائق هذه الوكالة، وتعنى بحرب السايبر التي تشنها الولايات المتحدة في أنحاء العالم. وسنودن يقيم حاليا في روسيا كلاجئ.
وقال سنودن إنه "لا أدعي أن NSO ضالعة في اختراق هاتف خاشقجي، ولذلك فإنه نفيهم لا يأخذنا بعيدا. وما تظهره الأدلة هو أن منتجات هذه الشركة كانت ضالعة في اختراق هواتف أصدقائه، عمر عبد العزيز ويحيى عسيري وغانم المصارير".
وأضاف سنودن أنه "دعنا نفترض أنك تثق بـNSO وأنهم غير منحازين ومستقيمون يستحقون كل الثقة من جانب الجمهور. وها هي المشكلة: عندما تسقط قنبلة على شخص ما، فالهدف لا يمكنه التقاطها وإلقائها عليك. وبسلاح سايبر كهذا بإمكانك فعل ذلك. فعندما تقول NSO لزبون إنه ’حسنا، بإمكانك استخدام أداتنا الهجومية من أجل اختراق هاتف إرهابي’، فإنهم فقدوا السيطرة، لأن هذا الشاب، إذا كان ذكيا، بإمكانه نسخ نقاط ضعف تستغلها NSO، وبعد أيام معدودة يستخدمها الشاب ألف مرة، أو مليون مرة، وليس ضد إرهابيين فقط. بإمكانه استخدامها ضد إسرائيل، وضد NSO. وبرأي أن NSO يلعبون لعبة خطيرة".
وقال سنودن إنه "كان بودي أن أصدق أن NSO لم يخترقوا الهاتف النقال الشخصي لخاشقجي. واختراق مباشر للهدف الرئيسي، أو الضحية، هو ليس الأمر المعقول فعله دائما في العمل المخابراتي، لأنه قد يترك أدلة قضائية في الهاتف، وهذا لن يكون الاغتيال المثالي بالضبط. وتذكروا أنه يوجد دائما مكانان على الأقل للتجسس على محادثة. لدى الضحية ولدى الشخص الذي تحدثت معه الضحية".
ووفقا لسنودن، فإنه "بفضل ’ستيزن لاب’ (منظمة حقوق الإنسان التي نشرت تقارير ضد NSO) توجد أدلة بحوزتنا بأن هذا ما حدث في حالة خاشقجي. ثلاثة أشخاص، كان جميعهم على اتصال معه، عانوا من محاولات اختراق من جانب ما يبدو أنها المخابرات السعودية، من خلال استخدام أدوات NSO. وكنا نقول في وكالة الأمن القومي إنه ’مرة واحدة – صدفة؛ مرتان – احتمال إحصائي؛ ثلاث مرات – عمل معادٍ’. وما حدث في حالة خاشقجي يبدو مثل قالب رأيته مرات كثير: حكومة خرجت عن السيطرة تطالب جواسيسها بكشف ’المخططات والنوايا’ لأولئك الذين يدعون إلى إصلاحات في النظام، من خلال استخدام قدرات يتظاهر الجميع أنها تستخدم ضد إرهابيين ومجرمين فقط".
وتابع أن "السعوديين علموا أنه يتعين على خاشقجي الحضور إلى لقاء في قنصليتهم. ولم يكن يتوجب عليهم أن يكتشفوا موقعه. وما احتاجوه هو فحص ما إذا كانت الحركة الإصلاحية تشكل خطرا كبيرا كافيا على النظام، حتى يخاطر بقتل قادة الحركة. وأنا واثق أنه في هذه النقطة بالضبط دخلت NSO إلى الصورة. ويظهر من القرائن أنه جرى استخدام بيغاسوس من أجل التوغل إلى هواتف شبكة معارف خاشقجي، واستنادا إلى ما عرفوه ضغط السعوديون على الزماد".
وأكد سنودن على أنه "توجد إمكانية حقيقية بأنه لو رفضت NSO بيع هذه التكنولوجيا الخطيرة للسعودية، وهي دولة لديها تاريخ طويل في انتهاك حقوق الإنسان، لربما خاشقجي كان لا يزال على قيد الحياة. لكن سواء اتفقتم معي أم لا، واضح أن هذا عمل خطير. وأعتقد أن هذا هو التناقض الخطير لهذه القصة: هم يقولون إنهم ينقذون الحياة، لكن الأدلة تشير إلى أنهم يتسببون بالنتيجة المعاكسة تماما".
من جانبها رفضت NSO أقوال سنودن، ووصفته بأنه "خائن"، وادعت أن تقارير "ستيزن لاب" خاطئة. وفي المقابل، عقب ’ستيزن لاب" بأن "تقاريرنا حول برامج التجسس لـNSO تظهر شكوكا كبيرة حيال إجراءات مراقبة لائقة والحفاظ على حقوق الإنسان من جانب NSO. والادعاءات حول أخطاء تقاريرنا مستغربة، وستيزن لاب يواصل حض مجموعة NSO على تبني سياسة شفافة تجاه الجمهور تتلاءم مع مبادئ تعليمات الأمم المتحدة في موضوع الحفاظ على حقوق الإنسان".