الاثنين 07 يناير 2019 17:45 م بتوقيت القدس
نجحت الصين بإرسال مسبار إلى القمر في الثاني من كانون الثاني/ يناير الحالي، ما جعلها ثالث دولة في العالم تنجح بذلك، بعد الولايات المتحدة وروسيا، لكنها الأولى التي تُرسل مسبارا إلى الجانب البعيد من القمر، مما يضعها في وسط سباق فضائي جديد.
وقالت الباحثة الأميركية في العلوم السياسية، ويندي ويتمان كوب، ضمن مقالها الذي نُشر على موقع "ذي كونفرسيشن" الإعلامي الأكاديمي، إن الصين تخطت نظرائها الأميركيين والروس، في تجربة إرسال مسبارها إلى المنطقة التي يُطلق عليها اسم "الجانب المظلم" من القمر، هو إنجاز تقني جديد بحد ذاته.
وأشارت إلى أن المسبار الصيني "تشانغ 4"، يرمز إلى نمو برنامج الفضاء في العملاق الآسيوي، اكتسابه قدرات حديثة، والتي سوف تؤثر على علاقات الصين بالقوى العظمى في العالم.
وفي حيان كان أكبر دافع لتطوير برنامج الفضاء الأميركي، هو الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، والتنافس مع روسيا الاتحادية لاحقا، فإن نجاح تصاعد قوة البرنامج الفضائي الصيني، قد يعني دخول الولايات المتحدة في سباق فضائي آخر.
ولفتت الباحثة إلى أن جمهورية الصين الشعبية، شاركت في الأنشطة الفضائية، لنفس دوافع الروس والأميركيين، أي بهدف تطوير الصواريخ الباليستية في خمسينيات القرن الماضي، ورغم استفادتها في البداية مع الاتحاد السوفييتي، إلى أنها طورت برنامجا خاصا بها.
واستطاعت أن تملك القدرة على إطلاق أول قمر صناعي عام 1970، وذلك برغم مرورها في مصاعب فترة حكم الزعيم الشيوعي، ماو تسي تونغ، وكوارث فترة "الثورة الثقافية" التي أحبطت تقدمها بشكل جدي.
وذكرت الباحثة أن الصين اكتفت في بداية الأمر، وخصوصا في عهد دينج شياو بينج، بإطلاق المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، كجزء من تركيزها على الاتصالات والاستشعار عن بعد والأرصاد الجوية، كونها اعتُبرت في ذلك الوقت، بلدا ناميا، ولم تكن قادرة على تحمل سباق فضائي.
لكنها طورت ترسانتها الفضائية لاحقا، وبشكل متسارع إلى أن أطلقت وكالة الفضاء الخاصة بها عام 1993، والتي استطاعت بعدها بعشر سنوات، إعادة تأسيس برنامج رحلة فضائية بشرية أدى إلى تطوير مركبة الفضاء "شنتشو"، والتي تم إطلاقها على 2003.
وأشارت الباحثة أنه منذ ذلك الحين، أطلقت الصين عدّة بعثات فضائية، شمل بعضها رواد فضاء ومركبات بحثية خالية.
سباق الفضاء الجديد
يتميز برنامج الفضاء الصيني، بكونه يتطور بوتيرة بطيئة وثابتة. وبسبب السرية التي تحيط بالعديد من جوانبه، فإن قدراته الدقيقة غير معروفة، الأمر الذي يرجح أيضا إلى كونه يتساوى من حيث القيمة التقنية مع نظيره الأميركي والروسي.
وفي مصطلحات التطبيقات العسكرية "الفضائية"، أظهرت الصين مهارات مهمة، فقد أجرت عام 2007، اختبارا لمضاد أقمار صناعية، حيث أطلقت صاروخا أرضيا لتدمير قمر صناعي فاشل للأحوال الجوية.
وقالت الباحثة إن الصين نجحت بتدمير القمر الصناعي، إلا أنها خلقت سحابة من الحطام المداري الذي لا زال يهدد أقمارا صناعية أخرى.
وذكرت وزارة الدفاع الأميركية في تقريرها لعام 2018، أن برنامج الفضاء العسكري الصيني "يواصل نضجه بسرعة".
وتساءلت الباحثة، عما إذا كانت الصين والولايات المتحدة في سباق فضائي، فقد منعت الأخيرة عام 2011، المسؤولين الأميركيين من التواصل مع المسؤولين في قطاع الفضاء الصينيين، والذي يأتي في إطار رفض التعاون مع برنامج الفضاء الصيني لمخاوف أمنية.
وفي حين أشار بعض المسؤولين الأميركيين في السنوات الأخيرة إلى احتمال تعاون البلدين في شؤون الفضاء، إلا أن تزايد الوجود العسكري في الفضاء قد يؤدي إلى خلاف أكبر بين الصين والولايات المتحدة، بل أن إدارة الرئيس الأميركي الشعبوي، دونالد ترامب، استخدمت الـ"تهديد" الذي تشكله روسيا والصين، لبناء فرع عسكري مستقل جديد، "وحدة الفضاء".
وختمت الباحثة مقالها، بادعاء أن اندلاع مواجهة فضائية بين القوى الثلاث لن تكون كارثية، فكما سابقتها (الحرب الباردة)، يُمكنها أن تطور المجال بشكل أكبر بكثير مما هو عليه اليوم، مما سيزيد من فهم البشر حول الكون.