تضيق الحياة ويهيمن الحزن والقلق الشديدان على سوسن خطيب وأسرتها من مدينة قلنسوة، التي بات خطر هدم منزلهم وشيكًا، ويمكن أن يحدث في أيّة لحظة، بعد أن خاضت العائلة نضالًا قانونيًا ضدّ السلطات الإسرائيلية استنفدتهم مالًا وجهدًا، وتسبّبت بإرهاق نفسي كبير منذ أكثر من عشر سنوات.

وعاد خطر العدم فجأة ليحدق بـ12 عائلة من مدينة قلنسوة، تقع منازلها تحت سلطة نفوذ مدينة الطيبة، وهي تابعة لسكان من مدينة قلنسوة، ليضعها في مرمى التشريد، بعد أن كان الحل يبدو قريبًا قبل نحو عام.

وتدّعي السلطات الإسرائيلية، وعلى رأسها اللجنة اللوائية أنّ المنطقة التي بُنيت عليها المنازل هي منطقة مخصصّة للتحريج (الوادي ومنطقته)، رافضةً أي مخطط تنظيمي يهدف إلى إنقاذ البيوت ووضع حل للمنطقة.

ويزداد تعنت السلطات الإسرائيلية خاصة بعد تعيين لجنة "كمينيتس" التي وكلت خصيصا لقضايا هدم البيوت العربية، إذ بات التعامل معها أكثر صعوبة قضائيًا وتنظيميًا، الأمر الذي منحها صلاحيات أكثر في ما يتعلق بهدم بيوت في أي لحظة.

وقالت سوسن خطيب في حديث: هذه المرة لدينا إحساس سيئ غير مطمئنٍ، نشعر أنّ النهاية قد اقتربت في هذه القضية، لكننا نحمد الله على كل حال، ونقبل بقدر الله".

وأشارت خطيب في حديثها إلى "تغيّر لهجة المحكمة والمراقبين واللجنة اللوائية هذه المرة في القضية، نشعر أن لهجتهم أصبحت أكثر صرامة وحدّةً، وكأنهم يصرّون على الهدم بكل ثمن، في السابق، كنا نشعر بأنّ القاضي في صفنا على الأقل، هذه المرة كان ضدنا بكل ما أوتي من سلطة ونفوذ ورفض كل ما قدم له".

وأضافت أنهم في صراع "منذ عشر سنوات، أنا تزوجت منذ 6 سنوات، ومن أول يوم نحن في صراع دائم، وقد قلبت هذه القضية حياتنا بصورة كبيرة، حيث أدخلتنا في ضغوطات نفسية ومادية واجتماعية".

واستطردت بالحديث، "لدينا طفلان، ولد وبنت، ماذا سأفعل بهم لو هدم البيت؟ ماذا سأقول لهما؟ كيف سأشرح لهما؟ كيف سيتأقلمون دون البيت الذين بنينا فيه أحلامنا وآمالنا ودفعنا فيه الغالي والرخيص من أجله".

أمّا عن شعور طفلها فأضافت خطيب أنه "الأولاد يعرفون ما يجري، وأن بيتهم مهدد بالهدم ولديهم شعورًا ليس جيدًا، وخاصة ابني الذي أثار مشاعري حين قال: ماما اتركيهم يهدموا البيت، بس قوليلهم يخلوا غرفتي. كيف أستطيع أن أطفئ نارهم إن هدم البيت؟".

وعن الضغوطات النفسية، قالت خطيب إنه "بعد أن علمنا بخطر الهدم قبل نحو أسبوعين، لا نأكل كالمعتاد، لا رغبة بالعمل، المستقبل غامض أمامنا، نحن لا ندري ما الذي سيحلّ بنا في أيّة لحظة، عندما نسمع أصوات في الليل نفيق كالمذعورين خوفًا. أتأمل البيت وجدرانه وأغراضه وذكرياتنا التي جمعناها معا، وحين أعلم أنه سوف يهدم، يسودني الإحباط".

ووجهت رسالة إلى المسؤولين وقالت إنه، "نحن لا نريد شفقة من أحد ولا نريد المساعدة، نريد فقط أن تتركونا ووحدنا نعيش تحت سقف واحد يأوينا لم نطلب المال ولا الرفاهية، هو بيتنا، ونريد أن يبقى وهو من حقنا".

وأنهت حديثها، "نحن لن نخرج من هذا البيت، هذا البيت هو بيتنا، سوف ندافع عنه حتى الرمق الأخير من حياتنا، ولن نعيش إلّا به، مهما كلفنا الأمر".

الكلمات الدلالية :