رحلت مربية قلّ أمثالها

رحلت المربية الفاضلة مسعدة عيسى صوالحة-عثاملة

بسم الله الرحمن الرحيم  

قال تعالى: "فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ"

بقلوبٍ مؤمنة بقضاء الله وقدره تتقدم أسرة المدرسة الشاملة الجديدة في الرينة بالتعازي القلبية الحارّة للعائلتين الكريمتين: آل صوالحة وآل عثاملة بفقدان ابنتهم المربية الفاضلة مسعدة عيسى صوالحة-عثاملة التي تركت الدنيا بما فيها وانتقلت الى جوار ربها، كما وتتقدم بأحرّ التعازي وأصدقها الى أسرة المدرسة الثانوية، بإدارتها ومعلميها وطلابها وعامليها على فقدانهم لفرد عزيز من أفراد الأسرة التربوية.  

مسعدة عيسى صوالحة-عثاملة انسانة رائعة جدا، قلّ امثالها، فقد كانت بمثابة عُملة نادرة في أيامنا هذه: معلمة مهنية من الدرجة الأولى، اتخذت مهنة التعليم رسالة وامانة، وليست مجرد عمل لكسب قوت العيش، وما أحوج مدارسنا في هذه الأيام العصيبة الى أمثالها!

ومن باب "اذكروا محاسن موتاكم" أسُوق لكم بعضا من الخصال الحميدة التي تحلّت بها المرحومة وامتازت بها دون غيرها: سباّقة لعمل الخير، البسمة الصادقة التي ارتسمت على شفتيها حتى في الأحوال العصيبة، التواضع، دماثة الاخلاق، طيب المُحيّا، حبّ الطلاب، حسن التعامل، المهنية الرفيعة في العمل، التفاني فيه، تحمّل المسؤولية، التفاؤل منقطع النظير، المعنويات العالية، لم تعرف اليأس حتى في أحلك الأوقات، الصبر على الشدائد، والايمان المطلق بالله، والتقبل لقدر الله بقلب سليم، مرضُها العضال لمْ يُثنها أبدا عن أداء عملها بأمانة وإخلاص وتفانٍ، بل بالعكس تحدّته بقوة وجلد، لدرجة انها التحقت، وهي في اشد محنتها، بالمؤسسة الاكاديمية وأنهت دراستها للقب الثاني.  

مسعدة عيسى صوالحة-عثاملة مثال المعلم الناجح، مثال المعلم المؤثر الذي يُحدث تغييرا لدى الطلاب، بالاحترام المتبادل، بصدق المعاملة، بحب المهنة ومحبة الطلاب، بالجد والاجتهاد، بليونة الجانب والاخلاص بعمل الواجب، بصدق الكلمة والموقف، بالعزيمة والاصرار، بالكلمة الطيبة والبسمة الحلوة. أجيال كثيرة منّ الله عليها وتتلمذت على يديها. رحيل مسعدة خسارة كبيرة للتربية والتعليم في البلدة.

مسعدة - اكتب كلماتي بقلم حزين وعين دامعة وقلب آس!

روحك الطاهرة فاضت الى بارئها، وقد تركت الدنيا وما فيها، تركت زوجا ثاكلا وثلاثة من الأبناء يبكونك بحُرقة ولوعة، واهلا يعتصرون حزنا والما على فراقك المبكّر. رحلت والآهات الحزينة تلوّع قلوب الاقارب والمحبين.

مسعدة - رحلت وقد غاب برحيلك وجهٌ بشوش، رحلت وقد انمحت برحيلك ابتسامة حلوة، رحلت وقد توارى برحيلك حياؤُك الشديد، رحلت وقد سكت برحيلك صوتٌ مُميّز، رحلت وقد صمت برحيلك لسانٌ ذاكر، رحلت وقد توقف برحيلك عن الخفقان قلبٌ خاشع. رحلت وقد أفل برحيلك حلمٌ عظيم!  

رحيلك عزّ على الزوج والأب والام والابناء والاهل وطلبة العلم والاقارب والمعارف وأبناء الرينة قاطبة، وعزّ كثيرا على أخٍ لك لم تلده أمّك، انه أنا... اما انت فقد كنت اخيّة صادقة ومقدّرة.

الموت حق، ولكن الفراق صعب، ولا نقول الا ما يُرضي الله، انا لله وانا اليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله، ان لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلُّ شيء عنده بأجل مسمّى.

نسأل الله عزّ في علاه ان يتغمّدك، يا امّ محمد، بواسع رحمته وان يغفر لك ويُكرم نزلك، وان يجعل مثواك الفردوس الأعلى، وان يُجر اهلك في مصيبتهم، وان يلهمهم الصبر والسلوان.

صبرا آل صوالحة، صبرا آل عثاملة!

 صبرا أبا محمد! صبرا أبا إبراهيم! فلتصبروا ولتحتسبوا!

أحسن الله عزاءكم وجبر مصيبتكم وغفر لميتتكم!

البقاء لله...

صبحي علي عدوي

الكلمات الدلالية : رحلت, مربية, قلّ, أمثالها, بقلمالمدير, المربي, الفاضلصُبحي, عدوي,