الجمعة 13 ابريل 2018 22:21 م بتوقيت القدس
ربما لا يعرف الكثير من الفلسطينيين والمغاربة وحتى العرب أن أعداداً من المغاربة سكنوا مدينة القدس، واختطلوا مع أهلها بالنسب والتجاور، وأصبحوا جزءاً من النسيج الفلسطيني، حتى أن عائلات فلسطينية عديدة ترجع أصولها إلى المغرب.
ويرجع الوجود المغربي في فلسطين إلى معركتي "حطين"، و"فتح بيت المقدس"، حيث أسكن أسكن الناصر صلاح الدين الأيوبي أعداداً من المغاربة في بيت المقدس بعد انتصار المسلمين.
ونقلت وثائق تاريخية عن الناصر صلاح الدين قوله: " أسكنت هناك من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يؤتمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة". ثم أوقف الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي (النجل الأكبر للناصر صلاح الدين الأيوبي) حارة المغاربة على مصالح طائفة المغاربة المقيمين في القدس إباّن سلطنته على دمشق (589هـ/1193م – 592هـ/1195م) حين كانت القدس تابعةً له؛ بُغيةَ تشجيع أهل المغرب العربي على القدوم إلى القدس والإقامة فيها، ومساعدة سكاّنها المغاربة الذين فضّلوا الاستقرار ومجاورة المسجد الأقصى المبارك. ومنذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان من مدينة القدس يُعرف باسم "حارة المغاربة".
شغلت حارة المغاربة بحسب بيانات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني والتي اطلع عليها موقع شاشة مساحة تقدر بخمس وأربعين ألف متر مربع؛ وهي بذلك تشكل ما نسبته 5% من مساحة القدس القديمة. وقد تباينت مساحة الحارة تبعاً لاختلاف حدودها بين الحين والآخر؛ فقد امتدت مساحات من حارة المغاربة قبل العهد العثماني إلى خارج السور؛ فعرفت بـ"حارة المغاربة البرانية".
وفي السنوات العشر الأولى للانتداب البريطاني، قامت الصهيونية بمحاولات عدة للاستيلاء على الحائط وعلى منطقة حارة المغاربة. وبعد نكبة عام 1948م، اضطرت غالبية مغاربة فلسطين للجوء إلى سوريا ولبنان، وبقي منهم عدد قليل باتوا، ككل أبناء شعبهم، لاجئين في ديار المعمورة. حيث أقاموا في مخيمات لبنان: في تل الزعتر، وصبرا وشاتيلا، وبرج البراجنة؛ بينما أقامت غالبية من لجأ منهم إلى سوريا في مخيم اليرموك.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعيد احتلال القدس عام 1967م، دمرت حارة المغاربة في مدينة القدس بكاملها، وسَوَّتها بالأرض، وحولتها إلى ساحة أسمتها "ساحة المبكى" لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق؛ وذلك على حساب الحق التاريخي الفلسطيني الثابت في هذه المنطقة؛ لتشرد سكانها الفلسطينيين من أصول مغربية؛ حيث توجهت الجرافات اليهودية إلى الحي المغربي داخل أسوار مدينة القدس، وهدمته بكامله، وشردت 135 عائلة مسلمة عدد أفرادها 650؛ كما نسفت 34 داراً أخرى مجاورة، ومصنعاً للبلاستيك، وشردت نحو 300 آخرين من سكانها وعمالها. وكان في حارة المغاربة، قبل أن تهدم، أربعة جوامع، والمدرسة الأفضلية، وأوقاف أخرى.
ما زال عدد كبير من أحفاد الفلسطينيين المغاربة يقيمون في القدس الشرقية ومناطق فلسطينية أخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ ومنهم عائلات: "العلمي" و"المصلوحي" و"الريفي"، و"حبوش"... ألخ. ورغم عدم توفر إحصاءات دقيقة لعددهم في فلسطين؛ إلا أنهم لا يقلون، بحسب شهادات متطابقة لعدد منهم يقيمون في قطاع غزة والقدس، عن 20 ألف شخص.