الاثنين 15 يناير 2018 12:53 م بتوقيت القدس
حذر مسؤولون بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية من انهيار اقتصادي في قطاع غزة، بحال تواصلت سياسة الإغلاق والحصار وعدم منح القطاع تسهيلات وإمداده بالكهرباء وكافة المستلزمات الخدماتية الحياتية والمعيشية.
وأعرب مسؤولون بالأجهزة الأمنية وضباط بجيش الاحتلال، عن القلق إزاء تداعيات وعواقب الضغط العسكري المستمر دون منح تنازلات. خاصة بظل تراجع عدد الشاحنات التي تدخل غزة إلى حوالي الثلث، كما أن أزمة الكهرباء والوقود عالقة وتعمق معاناة السكان، يضاف إلى ذلك أن 95% من المياه غير صالحة للشرب.
وحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن كل من يقابل بهذه الأيام كبار قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابرات، يسمعون منهم انطباعا موحدا بشكل مدهش عن الوضع في قطاع غزة، مفاده إن “اقتصاد قطاع غزة في حالة انهيار تام، مثل انخفاض من صفر إلى ناقص، ومعه حالة البنية التحتية المدنية”.
ولفتت الصحيفة، إلى ما اعتبرته تراجع نفوذ ومكانة حماس اقتصاديا وسياسيا على حد سواء، حفز سلطات الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد واتخاذ الخطوات الأمنية في محاربة فصائل المقاومة وشبكة الأنفاق. وكما ورد في التقارير، تم قصف نفق رابع في قطاع غزة في أقل من ثلاثة أشهر وفي حادث آخر، أصيب أحد أعضاء حماس في لبنان في انفجار لم يعرف مرتكبوه.
لكن نهج القيادة السياسية الإسرائيلية، كما لو كان من الممكن مواصلة الضغط العسكري على حماس، مع الاستمرار في تجاهل الواقع الاقتصادي المتدهور في غزة، يثير القلق لدى قيادة مختلف المؤسسات الأمنية، وعلى المدى الطويل، يثير تدهور حالة البنية التحتية وخطر حدوث انفجار لا يمكن السيطرة عليه.
ومنذ حوالي أسبوعين، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن عدد الشاحنات التي تمر عبر معبر كرم أبو سالم، بين البلاد وقطاع غزة قد انخفض بنسبة النصف تقريبا خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب انخفاض القوة الشرائية لدى سكان غزة.
ووفقا للأرقام المحدثة والإحصائيات، انخفض معدلها إلى نحو الثلث: ما بين 300 و400 شاحنة يوميا فقط. كما أن حوالي 95% من المياه في غزة غير صالحة للشرب، إذ تتدفق مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه المجاري يوميا إلى البحر الأبيض المتوسط وتصل إلى شواطئ البلاد. فيما تم تعزيز إمدادات الكهرباء إلى حد ما، حتى ست ساعات يوميا، وذلك يعود لقرار السلطة الفلسطينية بإعادة جزء من تمويل الكهرباء الذي يتم شرائها من إسرائيل، وعليه ثمة من يحذر من الخبراء من تفشي الأمراض المعدية.
يصل معدل البطالة في قطاع غزة إلى 50%، بل أن معدلات البطالة بين الشباب أعلى من هذه النسبة، وقد بلغ عدد سكان قطاع غزة، وفقا للتقديرات، 2 مليون نسمة، وهؤلاء السكان محاصرون بين نظام حماس وعدم القدرة الكلية على مغادرة قطاع غزة بسبب المعابر الحدودية المغلقة من إسرائيل ومصر والحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 10 أعوام.
وعندما شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في بناء الجدار والحاجز ضد الأنفاق، قبل نحو عام تقريبا، أسمعت تقديرات لإسرائيليين أن حماس قد تحاول تنفيذ هجوم عبر نفق هجومي على حدود قطاع غزة، قبل الأصول الاستراتيجية، مشروع النفق الذي استثمر فيه مئات الملايين من الشيكل على مدى العقد الماضي.
لكن في هذه الأثناء، لم يحدث ذلك، على الرغم من أن الجرافات تتقدم. وفي الوقت نفسه، تمكنت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في مجهود استخباراتي وتكنولوجي، من تدمير أربعة أنفاق في الأشهر الثلاثة الأخيرة، كما أفادت التقارير.
وأشار مسؤولون إسرائيليون، أن حماس بهذه المرحلة أكثر فقرا وأكثر عزلة، والحركة موجودة في فخ إستراتيجي، فهي تعتمد على مصر وتخشى غضب الجنرالات في القاهرة. لكن تفسير سياسة احتواء حماس يبدو أن له علاقة باختيار يحيى السنوار كرئيس للحركة في قطاع غزة.
يسيطر السنوار على كل من الفروع والأجنحة العسكرية والسياسية، بينما إسماعيل هنية، الذي هو فوقه في التسلسل الهرمي، فهو مقيم في غزة، على عكس سلفه خالد مشعل، ويقود هنية والسنوار خطا متساويا نسبيا. ففي عام 2014، عشية العدوان العسكري على قطاع غزة وعملية “الجرف الصامد”، كان بمقدور السنوار تبني إستراتيجية حربية أكثر من السياسيين في غزة، لكن اليوم هو واحد منهم، حسب التقديرات الإسرائيلية.
في إسرائيل، هناك عدد من المقترحات لتغيير السياسة المدنية تجاه قطاع غزة. لكن لا يستطيع وزير المواصلات والاستخبارات، يسرائيل كاتس، حتى الآن أن يقدم نقاشا جديا في المجلس الوزراء المصغر “الكابينيت” حول خطة الجزيرة الاصطناعية التي يعارضها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان.
أما المقترحات الأخرى المقدمة من المؤسسة الأمنية والعسكرية، من تيسير محدد ومنح تسهيلات لإدخال آلاف العمال من قطاع غزة من أجل العمل في جنوب البلاد، فقد نوقشت هذه المقترحات ببطء واستمرت مناقشتها للموافقة عليها لعدة أشهر.
لقد اندلعت الحرب الأخيرة في غزة بسبب مجموعة من الظروف، بحسب “هآرتس”، إذ صعدت إسرائيل من الإجراءات العقابية ضد حماس في الضفة الغربية بعد اختطاف المستوطنين الثلاثة في “غوش عتصيون”. في الوقت نفسه، وجدت حماس نفسها في أزمة اقتصادية بسبب نزاع مع السلطة الفلسطينية التي أوقف دفع الرواتب لموظفي الدولة في غزة. وجاء الانفجار الأخير أخيرا من معبر كرم أبو سالم، عندما اشتبهت إسرائيل في أن حماس على وشك القيام بهجوم كبير عبر النفق.
لكن هذه المرة، يقول قادة أمنيون: “ليس هناك نقطة واضحة، حيث من الواضح أن حماس قد تشتت. يمكن أن تظل إسرائيل على ما يبدو متأثرة بنجاحاتها التكتيكية، دون أن تقرر ما تريد أن يحدث في غزة. ولكن كما هو الحال في الشمال، فإن ضبط النفس النسبي للخصم من شأنه أن يضلل القيادة الإسرائيلية ويقودها إلى حرب تقول إنها لا تريدها”.