السبت 23 ديسمبر 2017 08:35 م بتوقيت القدس
ندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بإقرار قانون عراقي جديد يقضي بحرمان وتجريد الفلسطينيين المقيمين في العراق من كافة الحقوق والامتيازات التي كانت ممنوحة لهم في السنوات الماضية، بحيث تتم معاملتهم كأجانب ولا يتمتعون بأية امتيازات تذكر، معتبراً ذلك انتهاكاً خطيراً وغير مسبوق في ظل أنهم لاجئون في العراق ومعظمهم يعيش فيه منذ ما يزيد على 50 عاماً منذ اضطرارهم للجوء من فلسطين إثر بدء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال المرصد الدولي الحقوقي الذي يتخذ من جنيف مقرا له إن الرئيس العراقي فؤاد معصوم صادق على قانون جديد يحمل رقم (76 لعام 2017)، ويلغي حقوقا وامتيازات كانت ممنوحة للفلسطينيين في العراق بموجب القانون رقم 202 الذي كان صدر في عهد الرئيس السابق للعراق صدام حسين، وكان يساوي معظم الحقوق والالتزامات بين العراقيين والفلسطينيين على حد سواء.
وعقب المرصد بأن القانون الجديد جرد المواطنين الفلسطينيين المقيمين في العراق من حقهم في التعليم والصحة المجانية ووثائق السفر وحرمهم من العمل في مؤسسات الدولة فضلاً عن أنه سيؤدي لوجود عقبات كبيرة أمامهم عملهم حتى في المؤسسات والأعمال الخاصة، عبر وضعهم في خانة الأجانب.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن قرار الحكومة العراقية صدر فعلياً وأصبح نافذا بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية الرسمية بالعدد 4466، معتبرا أن هذا القرار إجحاف وتجاهل حقيقي لحقوق آلاف الفلسطينيين الذين أمضوا عقودا طويلة في العراق، وكان الأولى أن يُمنحوا على الأقل وضع وصفة اللاجئ بعد كل هذه السنوات الطويلة.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن القانون رقم 202 الذي تم الغاؤه بموجب القانون الجديد، كان تجسيدا بصورة ما للحقوق التي ينبغي أن تُمنح للاجئين والتي كفلتها الأعراف والمواثيق الدولية، حيث كان يمنح اللاجئين الفلسطينيين في العراق الحق في العمل والتقاعد والسكن المجاني والإعفاء الضريبي والصحة و التعليم، بالإضافة لوثائق السفر التي تتيح لهم حرية السفر من وإلى العراق دون أية عوائق.
وبحسب المرصد الأورمتوسطي فإن عدد الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في العراق قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003 بلغ حوالي 40 ألف فلسطيني، كانت غالبيتهم تتمركز في البصرة والموصل وبغداد، ومعظم هؤلاء قدموا بعد احتلال فلسطين عام 1948، وسمح لهم النظام العراقي آنذاك في العمل في الوظائف الحكومية الرسمية والتملك، دون أي تمييز بين اللاجئ الفلسطيني والمواطن العراقي.
ويبلغ عدد الفلسطينيين المقيمين في العراق حاليا حوالي 7 آلاف شخص، وذلك بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وممارسة مليشيات مسلحة باسم شيعة العراق عمليات تهجير واعتقال وقتل منهجي للآلاف منهم بعد عام 2006، بحجة أنهم كانوا داعمين للرئيس السابق صدام حسين.
وبحسب المرصد الدولي، يقيم غالبية اللاجئين الفلسطينيين في العراق في مخيمات وبيوت قديمة، يعيشون فيها ظروفا قاسية للغاية تكاد تنعدم فيها الخدمات الأساسية اللازمة للحياة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن وتيرة التضييق على اللاجئين الفلسطينيين بدأ في عهد حكومة إبراهيم الجعفري، وازدادت في عهد حكومة نور المالكي عبر فرض إجراءات تتعلق بالإقامة القانونية ومطالبتهم بتجديد إقامتهم كل ثلاثة شهور، وسط تعقيدات ومماطلات أدت إلى توقيف الكثير من اللاجئين بحجة الإقامة غير القانونية في البلاد.
وشدد المرصد على أن القرار الجديد "سيكون له عواقب وخيمة على الفلسطينيين خصوصا الأطفال والنساء بسبب سلبهم حقوقا طبيعية كانوا يحصلون عليها، و اليوم بات الحصول عليها يحتاج إلى إجراءات وأموالاً، لا سيما أن أفقر الجاليات الفلسطينية في العالم هي الموجودة في العراق منذ احتلاله عام 2003".
وعقب المستشار القانوني للمرصد إحسان عادل قائلا "إن الحكومة العراقية بدلا من أن تضطلع بمهامها في حماية اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في العراق من الانتهاكات اليومية التي يتعرضون لها وتحسين الأوضاع المعيشية والإنسانية لهم، تقوم بإصدار قرارات سيكون لها وقعاً كارثياً على حياة هؤلاء اللاجئين. إنه لأمر مشين يجب أن يتوقف".
وقال عادل "إن التضييق الذي عاشه اللاجئون الفلسطينيون في السنوات الماضية في العراق دفع معظمهم للجوء مرة ثانية إلى دول أخرى مثل كندا وتشيلي والبرازيل وغيرها من دول أوروبا، ليتبقى فقط قرابة 4 آلاف فلسطيني من أصل 40 ألفاً كانوا يعيشون في العراق جراء هذه الانتهاكات".
وعليه، دعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية إلى وقف القرارات المجحفة بحق اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النظر في القرار الصادر والذي من شأنه سلب حقوق الآلاف من الفلسطينيين المقيمين في العراق دون أي ذنب اقترفوه. كما طالب المرصد المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة العراقية من أجل ثنيها عن اتخاذ مثل هكذا قرارات، لما لها من عواقب وخيمة على حقوق الجالية الفلسطينية المقيمة في العراق.