الاثنين 04 ديسمبر 2017 20:31 م بتوقيت القدس
إن الصورة النَمَطية المُتعارف عليها ، التي يُمكن أن نَصِف ونُلَخِص من خلالها مُجمَل أوضاع وتعقيدات وأزمات مجتمعنا داخليًّا ، سنجد إنها تكاد تتشابه وتتطابق إلى حد كبير في معظم حالاتها وتفاصيلها من مدينة لأخرى أو من قرية لقرية أو من بين منطقة جغرافية لمنطقة أخرى .
لكن ما يُهمني في تسليط الضوء عليه هو طبيعة العلاقة ما بين الجماهير وبين السُلطة المُنتَخَبة ، وكيفية وطبيعة التوجُّه الجماهيري والشعبي وآليات وأساليب التعاطي من قِبَل هذه الجماهير إتجاه السُلطة المُنتَخَبة ، وإتجاه أصحاب وصُنَّاع القرار في مختلف مؤسسات ومرافق الحُكم المحلي .
غالبًا ما تسيطر لغة الشكوى والتذمُر والإمتعاض والشعور بعدم الرضى التي تعتريها حالات من السخط والتَمرُد ، والنَيْل من هيبة المؤسسات الخدماتية ومن الشخصيات الإعتبارية ، وكأَن هذا المشهد يُعكِس ثقافة سياسية ينتهجها معظم الجماهير وإعتماده كسلوك للتواصل مع هذه المؤسسات .
أرى بهذا تهديد حقيقي يهدد سلامة وصحة العلاقة ما بين السُلطة المُنتخبة وبين الجمهور ، ويهدد دور المجتمع المدني في أخذ دوره الفاعل وأخذ زمام المبادرة والمشاركة في إتخاذ القرار أو التأثير على الحياة السياسية بما يخص قضايا المجتمع العالقة التي تتطلب تغيير جذري وحقيقي في كثير من مرافق الحياة بما يتعلق في مجال ونفوذ وسلطة الحُكم المحلي .
تناولي لهذا الطرح الذي أحاول من خلاله أن ألْمَس الجانب الأخلاقي في المقام الأول ومن ثم الجانب العملي والتنفيذي .
الجانب الأخلاقي الذي من المفروض أن يُعنى في تهذيب السلوك البشري المُتَبَع ، والإلتزام بأدبيات وأخلاقيات مُعينة تكفَل حقوق الآخرين وهيبة وسُمعة وكرامة الأفراد ، على رغم الإختلافات الجوهرية والإنقسامات الواردة والمُحتَمَلة في الآراء والمُقترحات والمُبادرات .
الجانب العملي والتنفيذي في كيفية إتخاذ دور يُمَثِل التوجه الشعبوي والسعي لتحقيق أهداف وطموح ورغبات الجماهير بما يتناسب ويتوافق مع الإمكانيات المتوفرة ومتطلبات المرحلة.
ربما من خلال هذا الطرح يمكن الإستدلال على المُسَبِبات والخَلفِيات التي تنطلق منها تلك الأفكار والأحكام التي غالبًا ما تكون أحكام مُسبقة بسب عدم الإيمان بقدرات السلطة ، والرضوخ والتعصب لأجندة معينة من الطرف الآخر ، ويُنتِج عن هذا كله حالة من الإستنفار والتأهب الذي يُؤدي إلى صراعات عقيمة غالبًا ما تُفضي في نهاية المطاف إلى فقدان الثقة وزعزعة حالات الإستقرار التي تُحدِث شرخًا عميقًا وتوسع الفجوة والهُوة ما بين السُلطة وبين الجمهور ،، بين القرارات النافذة ،، وبين الرغبات المأمولة ،، بين الواقع وبين الحلم والتمني .
يبقى السؤال المطروح ،، هل من الممكن تغيير هذا النمط السلوكي، وهذا التوجه الإجتماعي بغية تغيير بعض القناعات وبعض المفاهيم والمُسَلَّمات التي لا تتمخَض إلا عن البغضاء والشحناء والفِتَن وبث روح الكراهية والعداوة بين مُختلف أطياف وشرائح المجتمع الواحد !!؟؟
لا شك لا يمكن للمجتمع أن يُهَمِّش دوره ، وينفي وجوده ويُلغي ذاته ، ويُعفي نفسه من تحمُّل مسؤولياته إتجاه نفسه ، ويُعفي نفسه من الشراكة والمبادرة وإقحام وفرض وجوده على الساحة السياسية والإجتماعية ، ويكتفي بإلقاء التُهم واللوم والعتاب والمُحاسبة الشكلية فقط .
عادة ما تبدأ الفكرة غريبة في مراحلها الأولى ، ومن بعدها تتحول إلى رأي مطروح أو إقتراح ، ثم تنمو لتصبح مطلب شعبي مُلِّح وضروري يُسعى لتحقيقه من خلال التكاتف والتكتل خلف هذه الفكرة ، وبالتالي يكون لها أرجُل تمشي بها على أرض الواقع .
فمن خلال هذا الطرح الذي أسعى وأهدف من خلاله الدعوة لبناء مؤسسات مجتمع مدني تُساهم في بناء الفرد والمجتمع في مختلف المرافق الحياتية ، ومن خلال كوادر وطاقات شبابية وموارد بشرية متوفرة في كل مجتمع كان ، وتكون هذه المُؤسسات المجتمعية مستقلة ، وتعمل كبديلة عن الميراث والموروث السياسي المقيت المُتمثل بالعشائرية والحمائلية والفئوية والحزبية أو حتى الطائفية ، وتكون عامة وشاملة ومستقلة لا تَحتَكِم لإي تيارات سياسية ولا تخضع لأي إعتبارات سياسية وغيرها .
ريشة شاهد
الرينة