السبت 30 سبتمبر 2017 18:01 م بتوقيت القدس
مثل غدٍ، كانت تونس على موعد مع جريمة إسرائيلية وقعت عليها من السماء، وذلك عندما أغار سرب من الطائرات الإسرائيلية في الأول من أكتوبر عام 1985، على المربع الأمني في ضاحية حمام الشط، جنوب العاصمة التونسية، مُخلفة 50 شهيدا فلسطينيا و18 شهيدا تونسيا و100 جريح، وخسائر مادية قُدرت بـ8.5 مليون دولار.
وأدت الغارة الإسرائيلية إلى تدمير مكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات، بيته الخاص، مقر القوة 17 الحرس الرئاسي، الإدارة العسكرية التي تحتفظ بأرشيف مقاتلي الثورة الفلسطينية، الإدارة المالية وبعض بيوت مرافقي أبو عمار والموظفين في مؤسسات المنظمة.
سويت هذه المقار جميعها بالأرض خلال أقل من عشرة دقائق.
وقالت إحدى الروايات عن الحادثة إن أبو عمار وصل إلى مطار تونس - قرطاج في العاصمة تونس، وافداً من المغرب، في ليلة المجزرة. كان في استقباله وزيرٌ تونسيّ وعدد من كوادر "منظمة التحرير"، رصدت عناصر الموساد موكبه يتحرك نحو مقر قيادة المنظمة في حمام الشطّ. إلى جانب أبو عمار في سيارته، جلس حكم بلعاوي، وهو السفير الفلسطيني في تونس آنذاك، وأخبره بأن ضيفاً عربياً هاماً ينتظره في مقر إقامة السفير، في ضاحية مرسى النسيم، في شمال العاصمة تونس. فوراً، أمر أبو عمار سائقه بالخروج عن سرب السيارات الطويل، والانزواء يميناً نحو مرسى النسيم، بينما واصل الموكب طريقه العاديّ نحو حمام الشطّ. لم ينتبه عملاء الموساد لهذا التغيير المفاجئ. في مقر إقامة حكم بلعاوي، اجتمع عرفات مع ضيفه العربيّ وتواصل اللقاء حتى ساعةٍ متأخرة من الليل، فقرر في أعقابه المبيت هناك.
أبو عمار خرج بعد الغارة مباشرة ومن فوق الدمار، أعلن للعالم عبر وكالات الأنباء والاذاعات والتلفزة أنه حي يرزق. وذلك في الوقت الذي كان فيه ضباط مخابرات اسرائيلي وقادة أجهزته الأمنية فرحون بمقتله ومقتل عدد كبير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية، في عملية القصف التي أطلق عليها اسم "الساق الخشبية"، لكن الحس الامني للمقاومة الفلسطينية كسر تلك الساق.