مع ازدياد وتيرة التجرؤ الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة، خرجت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغف عبر فيديو على موقع "فيسبوك" تحث المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة حتى يملأون ساحاته، وذلك في ما يسمى يوم توحيد القدس الموافق 24 أيار الجاري؛ لاستعادة أمجاد الجيش الذي احتل القدس وأخذ يغني "جبل الهيكل بأيدينا".

 وخلال الفيديو قالت ريغف "أشكر الشرطة الإسرائيلية لسماحها لنا بدخول جبل الهيكل بذكرى توحيد القدس لهذا العام"، وطلبت من المستوطنين بأن يصطحبوا أبناءهم لاقتحام المسجد الأقصى، وحثتهم على الصلاة لتكتمل سيطرتهم على القدس ببناء الهيكل.

تصريحات ريغيف الاستفزازية تخرج في هذه الفترة لتوفر ثلاث عناصر تعينها على ذلك كما يقول المختص في شؤون القدس جمال عمرو، فالدافع الأول الذي يدفع ريغف للتصريح للمستوطنين بدخول الأقصى نابع من إيمان قومي يهودي يعتقد بأن المسجد الأقصى لليهود، أما الثاني فوجود قاعدة جماهيرية إسرائيلية وعالمية لليمين المتطرف الإسرائيلي وهو ما يزيل الخوف من قلوب المسؤولين الإسرائيليين والمقتحمين من المستوطنين.

 أما الدافع الثالث هو الأخطر باعتقاد عمرو والمتمثل بسكوت الحكام العرب عن ما يجري في القدس والمسجد الأقصى وفلسطين عموما، وهو ما يدفع الإسرائيليين للتمادي أكثر وبخطوات سريعة لتحقيق هدفهم المنشود بتحقيق دولة يهودية واقامة الهيكل على أراضي فلسطين التاريخية.

 فيلاحظ كما يرى عمرو أن الدول العربية تأخذ منحى التطبيع العلني مع إسرائيل دون خوف أو وجل، أو حتى اقامة اعتبار لأشقائهم الفلسطينيين، فأصبحت الإمارات تسمح للإسرائيليين بدخول أراضيها دون تأشيرة دخول، بينما الفلسطيني لا يحصل على تلك التأشيرة إلا بصعوبة كبيرة، وهو ما يرسل رسائل للإسرائيليين أن افعلوا ما شئتم ولن يعترض عليكم أحد.

 وعن الوزيرة ريغف قال عمرو إنها تشكل نموذجا حيا للنازية الحديثة، إذ إنها تريد تسعير حرب دينية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا تكون على غرار الحروب السابقة، بل حرب دموية لا تبقي ولا تذر.

 فالتوقيت الذي تطرح فيه ريغف هذا الطلب يأتي والفلسطيني قد يأس من حكامه ووضعه الاقتصادي والاجتماعي، ولن يتردد في الدفاع عن مقدساته وأرضه لينشئ وطنا جديدا خاليا من الاحتلال ومن مسؤولين متعاونين معه كما يرى عمرو.

وأكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا عكرمة صبري على ما قاله عمرو، إذ قال "إن دعوات ريغف الاستفزازية تؤدي إلى صدام وتوتر في المنطقة لا تحمد عقباه".

 وبين أن دعوات ريغف واقتحامات المستوطنين لن تنزع أحقية المسلمين بالمسجد الأقصى، إذ إنهم يستمدون حقهم فيه من الله سبحانه، مؤكدا انهم لن يتنازلوا عن ذرة تراب منه.

 وتتزامن دعوات وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبلاد للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لتحريك مياه "السلام" الراكدة منذ سنوات كما يقول ترامب.

 لكن دعوات ريغيف تطرح تساؤلا عن النية الفعلية لإسرائيل بتحقيق السلام الفعلين بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث إن الأخير لا يتنازل كما يقول عن شرقي القدس الذي احتل عام 1967، والذي من ضمنه المسجد الأقصى.

 كما وتتزامن دعوات ريغف مع مطالبات مسؤولين في وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية ترامب بعدم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وطلبهم من البيت الأبيض بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من منطلق أن الأمر سيضر بعملية السلام.

 وتتزامن مع طلب الطاقم المسؤول عن التحضير لزيارة ترامب لحائط البراق من الفريق الإسرائيلي المتخصص بالتحضير لزيارة ترامب مغادرة منطقة حائط البراق لأنها تتبع لمنطقة الضفة الغربية ولا تخضع لإسرائيل كونها منطقة محتلة بحسب القانون الدولي