الاثنين 10 ابريل 2017 18:15 م بتوقيت القدس
الجليل , تبلور التوزيع السكاني عبر التاريخ !!!
بسم الله نحمده حمدأً يوازي نعمه التي لا تحصى ولا تعد ويدفع نقمته برحمته ومغفرته ويكافئ مزيده بكرمه , ونصلي ونسلم ونبارك على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين.
التوزيع السكاني لمنطقة جغرافية معينة ( قارة – اقليم – دوله –قضاء- ناحيه ) يتبلور عادتاً جراء قرارات سياسية مختلفة وأحداث تاريخية متعاقبة وعوامل اقتصادية جاذبه , كل هذا ينطوي تحت مجال الجغرافية التاريخية التي تسعى دائماً لمعرفة التاريخ من وراء المدى الجغرافي الظاهر للعين والتعرف على الجغرافية من وراء الوثائق التاريخية , مثال : عندما تخوض دوله معينة حرب او ثورة يتمخض منها هجرات سكانية من مكان الى الاخر , المكان الذي يصل اليه السكان يسمى الهدف ويزداد عدد سكانه بالمقابل المكان الذي يغادره السكان يسمى المنشأ ويقل عدد سكانه , اي جراء هذا الحدث التاريخي تغير المدى الجغرافي للتوزيع السكاني من هنا نستطيع ان نعرف ان سبب لوجود اختلاف بالكثافة السكانية كان الحدث تاريخي " الثورة او الحرب ", مثال اخر عندما تبادر حكومة بإنشاء مشاريع اقتصاديه او اجتماعيه بمنطقة جغرافية معينة تجذب اليها سكان من كل حدب وصوب ويزداد عدد سكانها.
بهذا المقال سوف نتطرق الى احدى المناطق الجغرافية في البلاد " الجليل " والوقوف على القرارات السياسية والأحداث التاريخية التي ساهمت بتصميم المدى الجغرافي والتوزيع السكاني كما نراه اليوم.
يقع الجليل شمالي البلاد يمتد نفوذه الطبيعي من نهر الليطاني بالأراضي اللبنانية شمالاً حتى مرج بني عامر جنوباً , يحده غرباً سهل عكا بمحاذاة البحر الابيض المتوسط وشرقاً مرج الحوله حتى المنحدرات الشرقية للجولان.
هنالك اختلاف بين الباحثين حول تعريف حدود الجليل , كلاً منهم يختار التعريف الانسب لبحثه. هذا المقال يتطرق لنفس الحدود الشرقيه والغربية والجنوبية التي ذكرت اعلاه , اما بالنسبة للحدود الشمالية سوف نقف عند الحد السياسي المشترك بين اسرائيل ولبنان والذي يمتد من راس الناقورة حتى اصبع الجليل ( المطله ).يحتضن الجليل بلدات عربية وأخرى يهودية , سوف نفصل بينهما والتطرق لكل واحدة من هذه البلدات على حدا.
أ- البلدات العربية : بعد عام 1948 بقي بالجليل 66 بلدة عربية , غالبية هذه البلدات تقع في الجليل الاسفل الاوسط مثل: الناصرة –الرينة- عين ماهل – المشهد – كفر كنا وغيرها . وأخرى بالجليل الغربي مثل : كفر ياسيف – الشيخ دانون –شفاعمر وغيرها, وعدد قليل نسبياً في الجليل الاعلى مثل : حرفيش – فسوطة – معليا – كفر سميع وغيرهم , اما الجليل الشرقي يحتضن بلدتان عربيتان عكبرة في الاعلى ووادي حمام في الاسفل. هذه التوزيع والاختلاف بعدد البلدات من منطقة لأخرى نابع من عدة عوامل منها طبيعية المكان وأخرى اقتصادية وتاريخية وسياسية :
بالنسبة للسهول الداخلية التي كانت محور للمواصلات التاريخية مثل طريق البحر التي وصلت من السهل الساحلي ومرت عبر مرج بني عامر وفي بعض الاحيان سهل البطوف وسهل كفركنا وصولاُ لجسر بنات يعقوب ومن ثم دمشق, جعل السكان يختارون هذه المناطق لإقامة البلدات والاستفادة من حركة المواصلات مثل : اكسال – دبورية بمرج بني عامر – كفر كنا –طرعان بالسهل القريب عليهم.
عامل تاريخي وسياسي اخر في الجليل الاسفل هي مدينة الناصرة التي تعد مركز ديني للطائفة المسيحية ومركز ثقافي واقتصادي وسياسي لجميع الطوائف مما جعلها تتحول الى مركز يستوطن حوله السكان , لهذا نجد قضاء الناصرة يحتضن عدد كبير من البلدات العربية.
ب- البلدات اليهوديه : بدأ الاستيطان اليهودي في الجليل اواخر العهد العثماني وكانت اول بلدة يهودية ראש פינה عام 1882م التي اقيمت على الحدود الغربية. من الممكن تقسيم الاستيطان اليهودي في الجليل الى ثلاثة فترات :
اقامة البدات اليهودية على اطراف الجليل نبع بالأساس من عدة عوامل فعندما نتحدث عن البلدات التي اقيمت على اطراف الشرقي للجليل فهنالك سببين اساسيين , الاول الاقتراب من المدن المقدسة لدى اليهود مثل طبريا وصفد , والثاني طبيعة المكان فالجليل الشرقي يتميز بدرجات حرارة مرتفعة وبمنحدرات قاسية وأراضي الحوله انذاك غير صالحة للزراعة لهذا تميزت تلك المناطق باستيطان عربي قليل , لهذا اهتم السكان اليهود بإقامة بلداتهم هنالك.
ولكن عند الحديث عن الاستيطان على الاطراف الجنوبي بمنطقة مرج بني عامر وسهل عكا يعود السبب من شراء الاراضي من الاعيان او رؤوس الاموال الذين كانوا يملكون العديد من الاراضي بالسهول وقاموا ببيعها انذاك.
للختام : يشهد الجليل اليوم تنوع بلدات ( بازل ) منتشرة بمناطق مختلفة بالجليل الاعلى وخرى في الجليل الاسفل منها عربية التي تنقسم الى قرى ومدن , ويهودية التي تنقسم الى مدن وكيبوسات وموشايم. هذا التنوع للبلدات تبلور عبر تاريخ مثمر بالأحداث التاريخية ومتأثر بظروف طبيعية وقرارت سياسية وعوامل اقتصادية.
الحمد لله الذي بنعمة تتم الصالحات.